حمص، سوريا – عندما عاد عبد القادر أولاً إلى أنقاض منزله في حي الخالدية في حمص بعد خمسة أعوام من النزوح، شعر بالصدمة من حجم الدمار. وقال: "في البداية لم أبدِ أي ردة فعل. كنت مصدوماً. دخلت لخمس أو عشر دقائق ثم غادرت. لم أستطِع تحمل الأمر".
بعد بضعة أسابيع، تشجع الرجل الهادئ الذي كان أستاذ لغة عربية على العودة. بدأ يعمل وحده وسط أنقاض منزله والحي المدمر، وأزال الحطام ببطء وسد الثقوب التي تركتها أعوام من القصف في الجدران.
عبد القادر هو من بين أكثر من 11 مليون سوري أجبروا على مغادرة منازلهم بعد أكثر من ستة أعوام من الصراع الوحشي. فر أكثر من 5 ملايين شخص إلى البلدان المجاورة منذ بداية الأزمة في عام 2011، ونزح 6.3 مليون شخص آخرين داخل سوريا.
بالمجموع، نزح عبد القادر وعائلته خمس مرات وانتقل مع عائلته من حي إلى آخر داخل حمص مع اقتراب القتال من حولهم. أشعرتهم التجربة بالخوف والتعب، إلا أنها كانت قاسية بشكل خاص على الأطفال الذين اضطروا إلى ترك مدرستهم وأصدقائهم.
ويشرح صالح، ابن عبد القادر البالغ من العمر 12 عاماً قائلاً: "في كل مرة كنا ننتقل فيها، كانت تتسبب لي بالتأخر في دراستي وقد أضعت أياماً دراسية كثيرة". وكوالده، شعر صالح بالألم لرؤية ما تبقى من مدرسته السابقة.
قال وهو ينظر إلى الجدران المشوهة بثقوب الرصاص وغرف الصفوف المطلية بألوان زاهية والتي تمكن من رؤيتها بوضوح من خلال النوافذ المحطمة بسبب القصف: "إنها المدرسة التي أمضيت فيها أيامي وحياتي". وأضاف وصوته يزداد انخفاضاً: "كانت جميلة جداً، ورؤيتها بهذا الشكل..."
على الرغم من الدمار، كان عبد القادر عازماً على العودة وإعادة عائلته إلى الوطن. وبفضل المساعدة المالية المقدمة من المفوضية، تمكنت العائلة من تجديد ما تبقى من منزلها واستبدال الأبواب والنوافذ وتصليح شبكات المياه والكهرباء.
وبموجب برنامج دعم المأوى الموجه من المالك والذي أطلقته المفوضية، تلقى أكثر من 9,405 أشخاص في حمص الدعم لإعادة تأهيل منازلهم خلال العام الماضي. ومن المخطط توفير الدعم لما يصل إلى 15,300 شخص بموجب البرنامج في عام 2017.
وعلى الرغم من أن عائلة واحدة من أصل خمس عادت إلى حي الخالدية المدمر، فقد صمم عبد القادر وعائلته على الانتهاء من إعادة بناء منزلهم وحياتهم.
وبعد أعوام من النزوح والصراع، يرفع صالح نظره إلى السماء حيث يأمل أن يسافر يوماً ويقول: "أريد متابعة دراستي لأصبح رائد فضاء. وما يحدث حالياً لن يردعني أريد التركيز على تعليمي ولن أستسلم".
يشعر عبد القادر بالفرح وهو يحاول استعادة حياته السابقة وبأنه اتخذ خطوة أولى صعبة لكن مهمة. "بغض النظر عن الظروف، لا يوجد مكان كالمنزل. فالشعور بالعودة رائع وأشعر كأنني طير قد عاد إلى عشّه بعد غياب طويل".