النازحون في سوريا يعانون أوضاعاً سكنية مزرية بسبب الحرب
على غرار الملايين الآخرين المحاصرين في الصراع الضاري في سوريا، تريد عيوش، وهي امرأة مسنة في الـ72 من العمر، العودة إلى ديارها.
عيوش، 72 سنة، نازحة سورية من قرية تلّ رحال في ريف حلب الشرقي، وتقطن حالياً في مركز إيواء جبرين المؤقت. تأمل عيوش أن تجتمع بأسرتها ويعيشوا سوياً في منزلهم في تل رحال.
© UNHCR/ Hameed Marouf
فرت عيوش، وهي أم لفتاتين وصبيين، من البلاد ودفعت ثمناً باهظاً جداً في هذه الأزمة وفقدت أحد ولديها، في حين يقيم الآخر معها في مأوى جماعي في جبرين في حلب.
مع تهجير ما يقارب نصف سكان سوريا - حيث كان عددهم قبل الحرب يبلغ 22 مليون نسمة - إما داخل أو خارج البلاد، فرض الصراع المستمر منذ ستة أعوام مزيداً من الضغوط على العديد من المجتمعات التي تعاني ظروفاً معيشية متأزمة.
في عام 2012، انتقلت عيوش في البداية من منزلها في قرية تل رحال في ريف حلب الشرقي وأقامت في منطقة جبل بدرو بحثاً عن الأمان.
"لا أحد يحب مغادرة منزله أو خسارة ممتلكاته".
ونتيجة عملية الإجلاء من الأجزاء الشرقیة لمدینة حلب نهاية عام 2016، اضطرت عیوش للمغادرة من جديد مع آلاف العائلات النازحة للوصول إلی الأمان في مأوى جبرین الجماعي.
تحول مأوى جبرين والأقبية غير المفروشة في محالج بالقرب من المنطقة الصناعية، إلى مساكن مؤقتة لاستقبال العائلات النازحة من شرق حلب في منتصف ديسمبر 2016. في ذلك الوقت، حققت المفوضية مع شركاء آخرين تقدماً جيداً في تزويد مجموعات المآوي بحزم جدران التقسيم للسماح للعائلات بالتمتع بالخصوصية والكرامة خلال الإقامة في هذا المأوى الجماعي.
تقضي عيوش معظم يومها أمام باب غرفتها في المأوى حتى غياب الشمس، فليس لديها ما تفعله سوى انتظار يوم آخر قد يكون أفضل من اليوم، وتقول: "لا أحد يحب مغادرة منزله أو خسارة ممتلكاته".
تعاني المرأة المسنة أمراضاً في القلب والأوعية الدموية وارتفاعاً في ضغط الدم ونقصاً في التغذية وتعتمد بالكامل على المساعدات التي تتلقاها من الوكالات الإنسانية هنا.
ولكن تجربة عيوش باتت الآن شائعة بين آلاف السوريين الذين اتخذوا خياراً صعباً وفرّوا من المناطق الخطيرة في جميع أنحاء البلاد ليجدوا ظروفاً معيشية قاسية في هذه المآوي، حيث تتفاقم مشقاتهم نتيجة مشاكل الكهرباء والماء المزمنة.
وقد أدى استمرار تدفق السكان النازحين إلى ازدياد عدد الأشخاص الذين يبحثون عن المآوي التي لم تكن مجهزة في البداية بمرافق للصرف الصحي والنظافة لاستقبال هذه الأعداد الكبيرة من الناس، على الرغم من أنه قد تم تعزيزها.
ووفقاً لاستعراض الاحتياجات الإنسانية لعام 2017، فإن حوالي 4.3 مليون شخص (30% من مجموع السكان الذين يحتاجون إلى الدعم الإنساني في عام 2017 والبالغ عددهم 13.5 مليون شخص) هم في حاجة ماسة للحصول على الدعم الملائم في مجال المأوى فيما لا يزالون يكافحون في بيئة غير آمنة ومضطربة. ومع ازدياد الصعوبات التي يواجهها السوريون النازحون، يسعى قطاع المأوى إلى استهداف 742,000 شخص بحاجة إلى المأوى في سوريا (19% من الأشخاص الذي هم بحاجة إلى مأوى في عام 2017 والذين يقدر عددهم بـ4.0 مليون). ومنذ يناير 2017، نفذت المفوضية مع 25 من الشركاء الفاعلين في مجال المأوى 66 مشروعاً من مشاريع الإيواء.
وقد وُضع المجتمع الإنساني أمام تحدي تقديم حلول طارئة ومنقذة للحياة في مجال المأوى، إلى جانب إعادة بناء التماسك المجتمعي والقدرة على الصمود في الوقت عينه. وكمرحلة أولى لمساعدة العائدين في شرق حلب، حددت المفوضية مع الشركاء في مجال المأوى 10 أحياء ذات أولوية في مدينة حلب سيجري تأهيل المآوي فيها. وتشمل هذه الأحياء الزبدية والأنصاري والمشهد والصاخور والأشرفية وبستان القصر والكلاسة والخالدية وميدان وقاضي عسكر وسيف الدولة.
في الوقت الحالي، تأمل عيوش بالعودة إلى منزلها في شرق حلب، رغم أنها لا تملك المال الكافي للانتقال حتى إلى خارج المأوى، وتقول: "آمل أن يعود الزمن إلى الوراء وأن أتمكن من العيش في بيتي من جديد مع عائلتي".