لول دينغ
من أين تنبع رغبتك في مساعدة الآخرين؟
لقد نشأت في أسرة تعوّدت على العطاء. فوالدي كان معطاءً... وكذلك أمي، لذا، فقد نشأت وترعرعت على هذه الفضيلة. العطاء هو من القيم التي تربّيت عليها وولدت لأقوم بها.
أخبرنا قليلاً عن عائلتك وعن نفسك؟
أنا من قبيلة الدينكا في جنوب السودان. لدي تسعة إخوة وأخوات، وأنا قد ولدت في السودان. اضطرّت عائلتي إلى الفرار من السودان عندما كنت في الخامسة من عمري بسبب الحرب الأهلية. فانتقلنا إلى مصر، حيث عشنا لمدة أربع سنوات. عندما بلغت التاسعة من عمري، حصلت عائلتي على حق اللجوء إلى المملكة المتحدة، فانتقلنا إلى إنجلترا كلاجئين. لا تزال عائلتي تعيش هناك؛ أما أنا فقد انتقلت إلى الولايات المتحدة في سنّ الرابعة عشرة لارتياد المدرسة الثانوية ولعب كرة السلة. عندما بلغت الثامنة عشرة، ذهبت إلى جامعة ديوك [في ولاية كارولينا الشمالية] حيث مكثت لمدة عام واحد قبل أن أنضمّ إلى فريق شيكاغو بولز.
هل قرّبتك تجربتك من عائلتك؟
أعتقد أن العائلة لطالما كانت أهم شيء بالنسبة إلي. عندما أخبر الآخرين أنني كنت لاجئاً، فهم يعتقدون أنني قد واجهت الأمرّين. غير أنني لا أفكّر بالأمر أبداً على هذا النحو، لأن عائلتي كانت قوية... فوجودي على متن القارب نفسه مع عائلتي قد سهّل علي الأمور.
بصفتك لاجئاً سابقاً، ما مدى أهمية عمل المفوضية برأيك؟
تقوم المفوضية بعمل رائع؛ فهي تمنح اللاجئين في سائر أنحاء العالم الفرصة لعيش حياة أفضل والحصول على تعليم أفضل. وذلك للحصول على فرصة جديدة في الحياة. لا يسهل على أحد مغادرة وطنه والاضطرار إلى التكيف مع ثقافة مختلفة ومحاولة النجاح في ذلك، غير أنه بفضل المساعدة التي تقدمها المفوضية، يمكن للحياة أن تصبح أسهل بكثير.
ما هو شعورك حيال عودة سكان جنوب السودان إلى وطنهم؟
إنه أمر لا يصدق.... يمكننا تقديم المزيد من المساعدة. إنه لأمر رائع أن يحصل السودانيون على الفرصة للعودة إلى وطنهم؛ فالابتعاد عن الديار أمر صعب للغاية.
ما هي الظروف التي أدّت إلى مشاركتك في حملة ninemillion.org التي تنظمها المفوضية؟
كنت في إنجلترا وذهبت لمشاهدة مباراة لفريق أرسنال [فريق كرة قدم]. كان هنالك إعلان يومض باستمرار في الملعب، مكتوب عليه كلمة ninemillion. رقم قميصي في الفريق هو تسعة، لذلك فرؤية هذا الرقم تسعدني دائماً. كنت جالساً بجوار مدير أعمالي وظللنا نرى كلمة ninemillion تومض، فسألته "ماذا تعني هذه العبارة؟" لم يكن يعرف الإجابة فسألنا أشخاصاً آخرين. وبدأوا يشرحون لنا معناها، والبقية تعرفونها.
أردنا المشاركة والمساهمة بكل إمكانياتنا... لمساعدتهم [الأطفال اللاجئين في العالم] على الحصول على التعليم والأنشطة الرياضية وتحقيق حياة أفضل بشكل عام. فهذا ما كنت دائماً أرغب في القيام به. بدا الأمر منطقياً بالنسبة إلي وهكذا بدأت العمل مع الحملة.
أخبرنا عن تأثير الرياضة على حياتك.
عندما انتقلت من السودان إلى مصر، كنت صغيراً جداً، ولم أكن أجيد الرياضة كثيراً. وعندما انتقلنا من مصر إلى إنجلترا، لم أكن أتحدث اللغة الإنجليزية. كان العديد من اللاجئين يعلّمون أطفالهم الإنجليزية قبل إرسالهم إلى المدرسة، غير أن والدي لم يحبّذا بقائي في المنزل في هذا البلد الجديد. فذهبت إلى المدرسة من دون أن أكون قادراً على فهم اللغة.
كان من الصعب علي التواصل مع الآخرين - ثقافة مختلفة، لغة مختلفة – صعب علي حقاً كسب الأصدقاء. غير أنني لاحظت أننا كلما لعبنا كرة القدم، كان الجميع يريدونني في فريقهم. كما لاحظت أنني أكون أقرب إلى زملائي أثناء اللعب. فلم يكونوا يأبهون لمهاراتي اللغوية، فهم كانوا يرغبون في الفوز ولهذا السبب كانوا يختارونني. عندما كنا نفوز، كنا نحتفل معاً. هذا ما قدّمته الرياضة إلي: لقد ساعدتني على كسب الأصدقاء.
هذه القصة تظهر مدى أهمية الرياضة بالنسبة إلى الشباب والأطفال؟
نعم، بالتأكيد. كما يمكن للرياضة أن تحرر عقلك... عندما تمارس الرياضة، يتركز تفكيرك على كيفية تحسين أدائك. فسواء كنت تهمّ بتسجيل هدف أو تقوم بتسديدة في السلة خلال الهرولة أو في الهواء، فأنت تحرّر فكرك من كافة الأمور الأخرى وهذا في الحقيقة أمر مفيد لك.
ما الذي تفكّر به عندما ترى صوراً لأطفال لاجئين؟
عندما أرى الأشياء التي تقوم بها المفوضية وحملة ninemillion، أشعر بالسعادة لمجرد رؤيتي هؤلاء الأطفال يحصلون على المساعدة. ثمّة أمر واحد أودّ أن أقوله لهؤلاء الأطفال، وهو أن يستمتعوا بالحياة ويستفيدوا مما لديهم وأن يشعروا بالإثارة والحماسة الحقيقية ويؤمنوا دائماً بأنفسهم.
إن ما تقوم به أنت والمفوضية من أجل تيسير إعادة الإدماج يعني الكثير.
بالتأكيد. ثمة أمور كثيرة تجري على الأرض حالياً في جنوب السودان. وإذا انضمّ الناس إلينا وشاركونا في ما نقوم به للمساعدة، فلا شك أن ذلك سيساعد على تغيير حياة العديد من الأشخاص والعائلات في جنوب السودان. لقد حالفني الحظ حقاً إذ تمكنت من الفرار من بلدي؛ وأنا محظوظ جداً إذ أنني جالس معكم هنا اليوم – أخبر الناس عن هذا المشروع وأفعل ما أفعله، وأطلب من الآخرين الانضمام إلي.
من خلال مساعدة هؤلاء الأشخاص، من يدري، فقد يكون هنالك في المستقبل طفل آخر، من أي بلد في العالم، جالساً في مكاني، يفعل الشيء نفسه. إنه أمر مذهل، فأنت لا تعرف حقاً ما يمكنك أن تفعله، كما أنك لا تدري فعلاً إلى أي حدّ يمكنك تغيير حياة شخص ما. أن تفعل شيئاً [للمساعدة] هو أفضل شعور قد يراودكم، وأنا أضمن لكم ذلك.
هل يمكن لأي شخص عادي دعم ما تقومون به؟
بالتأكيد، فعلى غرار حملة ninemillion، هنالك طرق عديدة للمساعدة. أعتقد أن الكثير من الأشخاص يعتقدون أنه عليهم أن يكونوا أثرياء لتقديم المساعدة... أعتقد أن أفضل طريقة للمساعدة تبدأ بالاطلاع أكثر على هذه المسألة. أقصد بذلك تخصيص جزء من وقتك لمعرفة المزيد عن هذه المسألة، إذ أنك قد تكتشف في بعض الأحيان أموراً لم تكن تعرفها. أعتقد أنك ستكتشف أن دولاراً واحداً قد يؤمن الغذاء لعائلة بأسرها لمدة أسبوع في بعض البلدان.
هل تعتقد أن العديد من الأشخاص في أميركا – بمن فيهم لاعبو كرة السلة المحترفون – يفهمون المعنى الحقيقي لأن يكون المرء طفلاً لاجئاً؟
أعتقد أن الناس يعرفون بشكل عام أن اللاجئ هو شخص فر من منزله، شخص غير موجود في وطنه. لا أدري إذا كان الجميع يفكر بالمسألة بالطريقة نفسها. بما أنني قد مررت بهذه التجربة من قبل، أدرك تماماً مدى صعوبة أن يكون الشخص بعيداً عن دياره. أعتقد أنه بالنسبة لمعظم الأشخاص، أول ما يخطر في بالهم في ما يتعلق باللاجئين هو أنهم غير قادرين على التواجد في موطنهم الأصلي.
إنك تخطط لزيارة جنوب السودان قريباً. ما هو شعورك حيال ذلك؟
لا أعرف حقاً ما يمكن توقعه. فأنا قد غادرت السودان في سن مبكرة، وكل ما أذكره هو مجرد قصص؛ لكنني بالتأكيد متحمس جداً، لمجرّد فكرة أنني سأتمكن من أن أطأ أرض بلدي؛ إنني أتطلع إلى ذلك بشوق... لقد عشت وترعرعت في إنجلترا. وأنا اليوم أعيش هنا وألعب كرة السلة، ولكن عندما تنظرون إلى وجهي – يمكنكم أن تعرفوا على الفور أنني من جنوب السودان، وهذا هو موطني الأصلي.
23 أيار/مايو 2008
النزوح في جنوب السودان: مخيم داخل مخيم
09 يناير/ كانون الثاني 2014
على مدار الأسابيع الثلاثة التي مرت منذ اندلاع العنف في جنوب السودان، نزح ما يُقدر بـ 200,000 سوداني جنوبي داخل بلدهم. وقد سعى ما يقرب من 57,000 شخص للمأوى في القواعد التابعة لقوات حفظ السلام في أنحاء البلاد.
تعطي تلك الصور التي التقطتها كيتي ماكينسي، كبيرة مسؤولي الإعلام الإقليمية، لمحة عن الحياة اليومية التي يعيشها 14,000 شخص نازح داخل المجمَّع التابع للأمم المتحدة الذي يُعرف محلياً باسم تونغ بينغ، الواقع بالقرب من المطار في جوبا عاصمة جنوب السودان.
وتحتشد وكالات الإغاثة، ومنها المفوضية، من أجل توفير المأوى والبطانيات وغيرها من مواد الإغاثة؛ ولكن في الأيام الأولى، كان على الأشخاص النازحين أن يعولوا أنفسهم. وقد اكتسبت المجمَّعات كل ملامح المدن الصغيرة، وذلك مع وجود الأسواق والأكشاك وجمع القمامة وإنشاء مرافق الاغتسال العامة. والمدهش أن الأطفال لا يزال بإمكانهم أن يبتسموا وأن يبتكروا ألعابهم باستخدام أبسط المواد.