شابة سورية تنهض من شلل الحرب للسير مجدداً

بعد النجاة من إصابات كانت تهدد حياتها في العمود الفقري، في سوريا التي مزقتها الحرب، تبدأ وسام رحلة علاجها الطويل.

لا تتذكر وسام الكثير عن الإنفجار الذي رماها من سطح منزلها في سوريا. غالباً ما كانت تصعد إلى هناك للتفكير وتأمل ريف درعا ومدى جمال الحياة على الرغم من الصراع الذي اندلع منذ أكثر من خمسة أعوام.

تتذكر وهي تفكر في ذاك اليوم من يناير: "كنت أتكئ على الحائط وفجأة شعرت بأنني أقع. كنت واعية بالكامل، وعندما وقعت أرضاً، بدأت بالصراخ."

وجراء هذا الارتطام أُصيبت وسام التي تبلغ من العمر 22 عاماً بكسر في العمود الفقري. ودفع صراخها عائلتها وجيرانها إلى الخارج، فحملوها بحذر شديد إلى صندوق شاحنة ونقلوها إلى مستشفى محلي.

 

وبعد إجراء صورة الأشعة التي كشفت مدى إصاباتها، أخبرها الطبيب بأنها لن تستطيع تلقي العلاج المناسب في سوريا. وحث عائلتها على التوجه جنوباً إلى الحدود ومحاولة أخذها إلى مستشفى في الأردن.

وتتذكر وسام بأن الرحلة تسببت لها بألم شديد؛ فكل مطب في الطريق أشعرها بألم مبرح، وخشيت أن تصبح مقعدة بسبب الضرر في عمودها الفقري، وتقول: "ظننت أنني لن أنجو، وشعرت بأنني سأموت ورضخت للأمر".

كانت عائلتها برفقتها في السيارة، بما في ذلك زوجها – وهو صديق الطفولة من القرية ذاتها. وقعا في الحب وتزوجا منذ خمسة أشهر.

"كنت أودعه على طول الطريق. أدركت أنني سأفارقه بطريقة أو بأخرى، ولم أعلم ما إذا كنت سأراه مجدداً".

بقي معها حتى آخر لحظة ممكنة قبل أن تنقلها السلطات الأردنية – التي تفهمت وضعها- إلى سيارة إسعاف وتصطحبها.

نُقلت إلى مستشفى في العاصمة الأردنية، عمان، لتخضع لعملية إصلاح فقراتها المكسورة. وتتذكر بأنها استيقظت بعد العملية وشعرت بالفرح عندما استطاعت تحريك رجليها، لكن هذه الفرحة لم تطل إذ أخبرها الأطباء بأن هذا الضرر في عمودها الفقري قد يمنعها من السير مجدداً.

وتقول: "صُدمت عندما سمعت هذا الخبر، لكنني قررت عدم الاستماع لهم وقطعت وعداً على نفسي بالسير مجدداً".

في منتصف فبراير/شباط، انتقلت وسام إلى مركز لإعادة التأهيل في عمان تديره مؤسسة سوريات عبر الحدود الخيرية السورية، حيث بدأت بتلقي دورات متعبة في العلاج الفيزيائي لإعادة بناء العضلات الضعيفة في رجليها، تمتد لثلاث ساعات. "كانت الخطوات الأولى جميلة جداً، لكنها صدمتني لأنني أدركت مدى صعوبة القيام بأمر بسيط كالسير".

 

على الرغم من التطور الذي تحرزه وسام، مازال أمامها عام من العلاج لاستعادة كامل حركتها.  © UNHCR/Annie Sakkab

 

وبعد شهر واحد، تمكنت من التنقل دون مساعدة، مستخدمةً عكازين وحذاء خاصاً. ولكن على الرغم من تحسّنها السريع، لا يزال أمامها عام من العلاج المكثف لاستعادة حركتها بالكامل. وتقول: "هذا هو هدفي الوحيد. وحتى ذلك الحين، أحاول ألا أفكر في العودة إلى سوريا وفي عائلتي، وسأواصل العمل بجهد إلى أن يصبح السير سهلاً مجدداً".

وبدلاً من الشعور بالمرارة، تقول وسام بأن الإصابة سمحت لها بتقدير الحياة أكثر، وكشفت لها قوة وعزيمة داخلية لم تدرك أنها تملكها، وتأمل أن تتمكن من العودة إلى بلدها وإلى زوجها. وقد تواصل دورة التمريض التي أُجبرت على تركها عندما غادرت. "أريد أن أعيش حياتي بصورة طبيعية، دون أن أشعر بالأسف على نفسي أو أن يشفق الآخرون عليّ. آمل أن أحظى بمستقبل في سوريا – مستقبل جميل على الرغم من أنه قد يكون مختلفاً عن الماضي".