منحة دراسية تعيد الأمل لمهندسة سورية في البرتغال
دمرت الحرب في سوريا الحياة والمباني، واضطرت آلاء إلى التوقف عن دراستها في مجال الهندسة. وحالياً، تكمل دراستها في البرتغال بفضل منحة.
تعمل آلاء بجهد على نموذجها المعماري الذي أصبح حالياً مراحله الأخيرة. فهي تصمم مشروع إسكان اجتماعي يوفر المنازل بتكلفة بسيطة لـ65 عائلةً. وعلى يمين المنازل، الممثلة بقوالب خشبية صغيرة سوداء اللون، مساكن للطلاب.
وتقول آلاء : "أعجبتني فكرة إدماج أشخاص جدد في الحي واختلاط المجتمع المحلي بالطلاب. وأضافت مشيرةً إلى منطقة خضراء أمام المباني: "هذه منطقة مفتوحة يستطيع المجتمعان الالتقاء والاختلاط فيها".
وتشعر آلاء، وهي طالبة هندسة سورية في العام الثالث في معهد لشبونة الجامعي، بفخر واضح بما تمكنت من تحقيقه، حيث تخلت عن دراستها بعد عامين في جامعة دمشق للفرار من تدهور الأوضاع الأمنية.
سافرت وحدها إلى اسطنبول في تركيا ولكن ضغوطات تعلّم لغة جديدة وإيجاد العمل لإعالة نفسها وشق طريقها إلى التعليم العالي كان أمراً صعباً. وبما أنها كانت مصممة على عدم الاستسلام، عاودت المحاولة في القاهرة، لكنها واجهت المصاعب نفسها.
وفي سبتمبر/أيلول 2013، رأت إعلاناً غيّر حياتها على شبكة الإنترنت، كان عبارةً عن دعوة عامة من مبادرة غير ربحية باسم المنصة العالمية للطلاب السوريين. وكانت هذه المبادرة تقدم المنح الدراسية للطلاب السوريين لإنهاء دراساتهم الجامعية. فلم تصدق آلاء أن يكون ذلك ممكناً، وتقول: "قدّمت طلباً، ولكن الجميع كانوا يخبرونني بأن هذا الأمر غير صحيح - فمن المستحيل أن يكون هنالك منحة دراسية لنا فقط، لكنني لم أشأ أن أفقد الفرصة لذا أرسلت طلبي".
وبعد أربعة أشهر، علمت آلاء أنه تم قبولها ولكن أهلها رفضوا. كانت محاولة إقناعهم بالسماح لها بالسفر وحدها إلى تركيا صعبة إلا أنهم لم يسمحوا لها بالسفر وحدها إلى أوروبا. وبما أنها لم تتمكن من إقناعهم بعكس ذلك، أبلغت آلاء برنامج المنح الدراسية بأنها لن تتمكن من الذهاب.
قررت هيلينا باروكو، الأمينة العامة للبرنامج، ألا تلغي مكانها. "لاحظت إصرار آلاء وعلمت أيضاً بأنه مشروع تجريبي في عامه الأول وأنها قد تحصل على موافقة أهلها إن حصلوا على بعض الشهادات من طالبات المجموعة الأولى وعلى المزيد من المعلومات حول البرنامج".
وفي العام التالي، بعد إطلاق دعوة ثانية للمنحة الدراسية، وافق أهل آلاء. وبعد أشهر، ذهبت إلى البرتغال وبدأت حياتها مع طلاب من جميع أنحاء العالم وتعيش في ثقافة جديدة تماماً.
وتقول: "غير العيش في البرتغال وتلقي المساعدة من الناس أموراً كثيرة في داخلي. ولاحظت فرقاً كبيراً في الطعام والثقافة وطريقة تصرف الأشخاص وتفكيرهم. علمني ذلك بأن الحياة لا تتعلق بما هو صحيح أو خاطئ؛ بل بوجهات النظر المختلفة.
وترى باروكو أن المنصة العالمية للطلاب السوريين تشكل فرصة مربحة للجميع لأن الطلاب وأفراد المجتمعات المحلية على حد سواء يتعرفون على ثقافات مختلفة وهذا التبادل يغنيهم. وتعتقد أيضاً بأن إيجاد طرق مبتكرة أصبح ضرورة لمواجهة الصراع المستمر منذ خمسة أعوام.
"اخترنا متابعة تقديم المنح الدراسية لأننا إن لم نستغل أوقات الحرب لتدريب الجيل الجديد من القادة، فلن نحصل على فرصة للاستعانة بهؤلاء الأشخاص في إعادة البناء عند العودة".
منذ عام 2014، تمكنت المنصة العالمية للطلاب السوريين من تقديم المنح الدراسية لـ150 طالباً يدرسون حالياً في 10 بلدان في جميع أنحاء العالم. وتخطط هذه المبادرة التي اقترح فكرة إنشائها الرئيس البرتغالي السابق، جورجي سامبايو، لتقديم مبادرة للاستجابة السريعة للتعليم العالي في حالات الطوارئ.
وترحب المفوضية أيضاً ببرنامج المنح الدراسية الذي أنقذ حياة آلاء وعشرات الأشخاص الآخرين والذي يعزز طرق قبول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين.
مر على وجود آلاء في البرتغال 18 شهراً وهي تعتبر لشبونة وطنها الثاني، وتعيش مع زوجين برتغاليين متقاعدين، لويس وتيريزا هنريكز، قررا استضافة طلاب سوريين في منزلهما. فبعد زواج جميع أطفالهم ومغادرتهم البيت منذ فترة طويلة، أرادا إيجاد طريقة لتقديم المساعدة خلال الأزمة السورية.
وتعترف تيريزا بأنها شعرت بالقلق في بادئ الأمر لكنها لم تتراجع. "نعتبر آلاء فردأ من عائلتنا وقد أقامت صداقات مع أطفالنا وأحفادنا. علمتني الكثير عن سوريا والعالم الإسلامي وقد غير ذلك وجهة نظري في ما يتعلق بالمنطقة". وتتبع شقيقة لويس هذا المثال وتستقبل حالياً طالباً سورياً.
بقي أمام آلاء عام واحد للحصول على شهادتها وتأمل أن تقدم في العام المقبل طلباً للحصول على شهادة الماجستير في الهندسة المعمارية. طموحها واضح بشأن مستقبلها وتقول: "باعتباري مهندسة وامرأة مثقفة، سأحدث [فرقاً] في كل مكان، لكن بالتأكيد ستكون سوريا هدفي الأول لأنها بلدي. لكن البرتغال أيضاً هو بلدي الثاني، فلا يمكن أن أنسى ما يقوم به هؤلاء الأشخاص من أجلي".
وتقول بأن مشروعها التالي سيركز على تحسين تصاميم المنازل الجاهزة للاجئين.
بقلم زهراء مكاوي