"مكاتب حماية" تقدم المساعدة المتخصصة للضعفاء في جنوب السودان

تقدّم مكاتب الحماية المتوفرة في معظم مواقع حماية المدنيين، المشورة والمساعدة المتخصصتين.

 

متطوعو التوعية المجتمعية داخل مكتب الحماية التابع للمفوضية في مخيم حماية المدنيين في بور، ولاية جونقلي، جنوب السودان.   © UNHCR/Richard Ruati

جوبا، جنوب السودان – شعرت تفيسا نيابول أن لا مكان تلجأ إليه للحصول على المساعدة بعد أن قتل زوجها، تاركاً أرملته مع أربعة أطفال يعيشون في مخيم مؤقت للنازحين جراء الحرب في جنوب السودان.

باعت المشروبات اليدوية الصنع لتأمين الطعام، لكنها لم تنجح. وقالت نيابول، البالغة من العمر 23 عاماً: "كان لدي عدد قليل من الزبائن ولم أحقق أي ربح، وانتهى بي الأمر بأن أتناول مشروباتي بسبب اليأس. وبعد أن أشرب الكثير، كنت أدخل بسهولة في نقاشات حول أمور صغيرة وأتشاجر مع الآخرين".

بدت عليها علامات قلق متزايدة وقالت: "لا أستطيع أن أتخيل مستقبلاً لي ولأطفالي. فأنا لم أكن أملك المال حتى لإطعامهم أو شراء الملابس لهم".

كانت نيابول محظوظة إذ وجدها المتطوعون العاملون في المجتمع الذي عاشت فيه في مخيم للأشخاص النازحين خارج مدينة بور، وكانت أماً عزباء ضعيفة من الأشخاص الذين دربتهم المفوضية على إيجادهم.

حددوا لها موعداً على الفور مع مكتب الحماية التابع للمفوضية في المخيم، في قاعدة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في بور والمعروفة كموقع حماية للمدنيين. وتقدم مكاتب الحماية، المتوفرة في معظم مواقع حماية المدنيين في جنوب السودان، المشورة والمساعدة المتخصصتين إلى الأشخاص الضعفاء بشكل خاص.

وقد لجأ أو أحيل حوالي 7,000 نازح داخلياً في جنوب السودان إلى مكاتب الحماية منذ أن تم افتتاحها في وقت سابق من عام 2016. ويشمل النازحون أمهات عازبات يعتنين بعائلاتهن لوحدهن ونساء حوامل لا يحصلن على الدعم الأسري وأطفالاً غير مصحوبين ومفصولين عن ذويهم أو أولياء أمورهم، وناجين من العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس وأشخاصاً من ذوي الإعاقة ومسنين.

وقال غودفري كوما أندروغا من مكتب الحماية في بور: "كانت نيابول يائسة عندما أتت لرؤيتي، كانت قلقةً جداً. لم تكن تستطيع أن ترى أي شيء إيجابي في حياتها، وأنا لا ألومها. ففي وضعها، سيواجه أي شخص التحديات نفسها".

تفيسا نيابول، 23 عاماً، تزيل الأعشاب الضارة في موقع حماية المدنيين في بور، ولاية جونقلي، جنوب السودان.   © UNHCR/Richard Ruati

ووصف مكاتبَ الحماية باعتبارها أماكن آمنة لا يتم فيها الحكم على من يلجأون إليها ويستطيع الأشخاص فيها التعبير عن مشاعرهم وخيبات أملهم. وقال: "في بعض الأحيان تكون الحلول لمشاكل الأشخاص أكبر من ما يمكننا تقديمه، ولكن من المهم الإصغاء إليهم. وفي معظم الحالات، تكون الإجابة في متناول يدينا".

قدّم فريق أندروغا المشورة النفسية والاجتماعية لنيابول وساعدها على إيجاد وظيفة في منظمة شريكة للمفوضية. قالت نيابول: "إنه عمل مؤقت، ولا أجني منه الكثير من المال، لكنه يكفي لتلبية احتياجات أطفالي. توقفت عن شرب الكحول. هناك أسباب عديدة للحزن في هذه البلاد، لكنني أشعر بأنني أقوى بكثير الآن".

أطلقت المفوضية مكتبي الحماية الأولين في بور وملكال في يناير وتبعهما مكتب في جوبا في فبراير وآخر في بانتيو في مارس.

صرحت إزابيل ميسيك، ممثلة مساعدة للمفوضية في مسائل الحماية في جنوب السودان قائلةً: "مكاتب الحماية لا تقدر بثمن بما أنها تساعد في تحديد الأشخاص الأكثر ضعفاً وفي التوصل إلى استجابة محددة لاحتياجاتهم، فهي تضع الأشخاص في قلب أنشطتنا للحماية بينما تعمل أيضاً كبوابة دخول إلى المجتمع تساعدنا في تحليل المسائل الأساسية والأنماط التي تؤثر على السكان بشكل عام. وتعتبر مشاركة المجتمع وآراؤه أمراً أساسياً، لا سيما في إيجاد طرق للحد من مخاطر الحماية".

وقد عمل مكتب الحماية في بور على حالات متعددة؛ فساعد 206 أشخاص نازحين في العودة إلى عائلاتهم في وقت سابق من هذا العام، مقدماً لهم المشورة والمنح ليقفوا مجدداً على قدميهم.

وجد فريق التوعية أيضاً ستيفان بانغ، وهو نازح من ذوي الإعاقة يبلغ من العمر 46 عاماً، كُسر كرسيه المتحرك، ما تركه محجوزاً في خيمته التي تحتوي على سرير وبعض الأدوات المنزلية فقط. نقل الفريق حالته إلى مكتب الحماية، وفي غضون 24 ساعة، أمنت المفوضية قطع الغيار وأصلحت الكرسي المتحرك.

وقال بانغ: "أنا ممتنٌ كثيراً لذلك، فقد كان الأمر صعباً علي. إذ أن حياتي الاجتماعية تعتمد على هذه الآلة. بتُّ أستطيع الآن المضي قدماً في حياتي والذهاب إلى السوق والمركز المجتمعي ولقاء أصدقائي".

في جنوب السودان، تُشكل المفوضية جزءاً من الاستجابة المتعددة الوكالات التي تدعم 1.6 مليون شخص نازح داخلياً، وهي ترأس مجموعة الحماية – التي تضم عدداً من المنظمات الإنسانية المتخصصة في حماية الأشخاص النازحين داخلياً. وتعمل المفوضية أيضاً مع السلطات والشركاء لحماية ومساعدة أكثر من 262,000 لاجئ من بلدان أخرى سعوا لإيجاد الأمان في جنوب السودان.