بعد إنقاذها قارباً للاجئين قبل عام، ساره مارديني تعود إلى اليونان كمتطوعة
ساعدت السباحتان ساره ويسرى مارديني على إنقاذ 18 لاجئاً من أبناء بلدهما عندما بدأ قاربهم بالغرق قبالة السواحل اليونانية. والآن، تطوعت ساره كحارسة إنقاذ في المنطقة نفسها.
ساره تشارك في عملية بحث وإنقاذ في المياه اليونانية.
© UNHCR/Achilleas Zavallis
على متن قارب البحث والإنقاذ في منطقة بحر إيجه، تنظر حارسة الإنقاذ ساره مارديني إلى الأفق بواسطة منظاريها، بحثاً عن زوارق تنقل اللاجئين من تركيا.
في أغسطس 2015، عبرت وشقيقتها الصغرى يسرى الطريق الخطرة نفسها، باعتبارهما لاجئتين فارتين من الحرب في وطنهما سوريا.
وقد أسرت سباحتا النخبة الجماهير من كافة أنحاء العالم، أولاّ لإنقاذهما 18 راكباً من أبناء بلدهما حين تعطل محرك قاربهم المتداعي، ومرة أُخرى بتحقيق يسرى البالغة من العمر 18 عاماً سابقةً حين نافست في دورة الألعاب الأولمبية في ريو هذا العام كجزء من الفريق الأولمبي الأول للاجئين.
وفي خريف هذا العام، عادت ساره البالغة من العمر 21 عاماً إلى ليسفوس كمنقذة متطوعة في المركز الدولي للاستجابة للطوارئ، وهي منظمة يونانية إنسانية غير ربحية تساعد اللاجئين المنكوبين في البحر بينما يحاولون الوصول إلى الجزيرة.
"أحدثهم عما أقوم به. أقول لهم: "أعرف ما تشعرون به لأنني عانيت من الأمر نفسه."
تعمل في فريق مؤلف من أربعة أفراد: منقذ وربان وطبيب ومترجم. في المياه، غالباً ما تكون ساره الشخص الذي يهدئ اللاجئين، والكثيرون منهم لا يستطيعون السباحة.
وتقول ساره: "أحدثهم عما أقوم به. أقول لهم: "أعرف ما تشعرون به لأنني عانيت من الأمر نفسه. عشت ذلك، وبقيت على قيد الحياة". فيشعرون بتحسن لأنني لاجئة مثلهم".
كان هذا العام أكثر الأعوام فتكاً على الإطلاق بالنسبة للاجئين والمهاجرين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. فقد خسر أكثر من 5,000 شخص حياتهم، ومعظمهم على الطريق وسط البحر الأبيض المتوسط.
ويسلط عدد القتلى الضوء على أهمية فرق البحث والإنقاذ مثل المركز الدولي للاستجابة للطوارئ.
يعمل المركز الدولي للاستجابة للطوارئ مع خفر السواحل اليونانية والوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود فرونتكس لإنقاذ حياة الناس المنكوبين في البحر عند وصولهم إلى المياه اليونانية. وقد استقبلت اليونان أكثر من 172,800 لاجئ ومهاجر حتى الآن هذا العام، مقارنة مع ما يقرب من 857,000 في العام الماضي. ويستمر بضع عشرات في الوصول إلى ليسفوس كل أسبوع.
نشأت ساره ويسرى في دمشق، حيث تعلمتا السباحة. تدربتا على يد والدهما، وهو مدرب سباحة محترف، وتنافستا في سوريا والعالم العربي كعضوين في فرق أهم النوادي، فضلاً عن فريق السباحة الوطني السوري.
ومع اشتداد الحرب، انتقلت العائلة من منزل إلى آخر محاولة البقاء في مأمن. تدمر منزل طفولتهما. وفي الصيف الماضي، قررت الأسرة تهريب ساره ويسرا إلى تركيا، ثم إلى أوروبا، مع رجلين من أقاربهما.
وكما تقول ساره، لم تُخفهما رحلة العبور، ولا حتى ليلة وقفتا على الشاطئ التركي حيث حاول 20 شخصاً حشر أنفسهم في قارب مطاطي لا يسع أكثر من ثمانية أشخاص.
وتقول ساره: "لم نكن خائفتين لأننا كنا معاً. طالما أنا وأختي معاً، مهما كان الظرف صعباً، نجد وسيلة لجعله ممتعاً. لو كانت وحدها أو كنت وحدي، لما نجحنا. نجحنا لأننا كنا معاً".
بدأت المشكلة بعد أن أبحرتا. تعطل المحرك، وانحرف القارب وراح يمتلئ بالماء. قررت ساره أنها لن تسمح بأن يغرق أحد. قفزت إلى المياه، وتبعتها يسرا. دفعتا القارب وجدفتا لثلاث ساعات ونصف الساعة، وأوصلتا الجميع إلى بر الأمان.
وتضيف: "عندما وصلنا إلى الشاطئ، كان الجميع يشكروننا. لكننا قلنا لهم: نحن سباحتان، وأنا منقذة. هذا عملنا. من الطبيعي بالنسبة لنا أن نقوم بذلك".
وتصف تلك الليلة بالسريالية. وتوضح: "حتى الآن، فيما أخبر قصتي، لا أصدقها. لا أشعر وكأن الأمر حدث لي. لا أشعر أنه حقيقة، حتى بعد عام. يخيّل إليّ وكأنه فيلم سينمائي".
"حتى الآن، فيما أخبر قصتي، لا أصدقها."
استغرقهما الأمر 25 يوماً للوصول إلى ألمانيا، سيراً وفي القطارات والحافلات. بعد فترة قصيرة، أحالتهما مؤسسة خيرية في برلين إلى نادي السباحة واسرفروندي سبانداو 04، وبدأت مسيرة يسرى إلى دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016. توقفت ساره عن السباحة التنافسية بسبب إصابة قديمة في الكتف تفاقمت ليلة عبور البحر. أحضرتا والديهما وشقيقتهما الصغرى إلى برلين بعد بضعة أشهر عن طريق لمّ شمل الأسر.
وقد خططت ساره لزيارة ليسفوس في 18 أغسطس، أي في الذكرى السنوية الأولى لوصولهما إليها. ولكن، وجدت الأختان نفسيهما في ريو دي جانيرو حيث شجعت ساره شقيقتها قرب الحوض الأولمبي.
وفي الوقت نفسه تقريباً، تلقت سارة رسالة على الفيسبوك من إريك غيرهاردسون، وهو متطوع سويدي في المركز الدولي للاستجابة للطوارئ. وتقول ساره: "أخبرني كيف كنا مصدر إلهام لهم، وكم كانت قصتنا مذهلة، وكيف يتحدث عنا الأطفال اللاجئون في الجزيرة وكأننا بطلتان".
"عندها قلت له: سآتي". "وأجابني: ماذا؟ ستأتين؟ هل جننتِ؟". ورددت: "نعم، سآتي".
"إنها هنا لتضمن عدم فقدان أشخاص آخرين في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر"
قدمت سارة تقريراً عن مناوبتها الأولى مع المركز الدولي للاستجابة للطوارئ بعد بضعة أسابيع، حيث انضمت إلى فريق من 20 متطوعاً من كافة أنحاء العالم.
ويقول بانوس موريتيس، مؤسس المركز الدولي للاستجابة للطوارئ: "ساره بطلة حقيقية. بعد أن خاطرت بحياتها لإنقاذ 18 شخصاً كانوا على متن القارب الذي استقلته أثناء محاولتها للوصول إلى اليونان، لم تعد فقط إلى نقطة الصفر، بل إنها هنا لتضمن عدم فقدان أشخاص آخرين في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر."
عودتها إلى ليسفوس صعبة عليها في بعض الأحيان. فالصباحات الباكرة في المياه مع فريق المركز الدولي للاستجابة للطوارئ تذكير دائم لها بتلك الليلة الرهيبة.
وكان يوم ساره الأول في التطوع صعباً جداً. وتقول: "رحت أفكر: "لِم انتهى بنا الأمر كسوريين على هذه الحال؟". كنا [المركز الدولي للاستجابة للطوارئ] في حالة تأهب وكنت أشاهدهم. آلمني جداً أن أرى أبناء شعبي في هذا الوضع".
وتأمل أن تساعد قصتها على تغيير الطريقة التي يُنظر من خلالها إلى اللاجئين. ألقت كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكذلك أمام الجمهور في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وجمهورية التشيك وبلغاريا.
تأمل ساره في العودة إلى الجامعة في الخريف المقبل لدراسة حقوق الإنسان، حقل دراستها في سوريا. حلمها أن تنشئ منظمتها غير الحكومية. وعن نفسها تقول: "لست سوى إنسانة عادية تحاول مساعدة كل من يحتاج إلى المساعدة".