عديمو الجنسية في كينيا يحصلون أخيراً على وثائق الهوية
في حين أنهم استقروا وكوّنوا عائلات، لم يكن المتحدرون منهم مؤهلين للحصول على الجنسية، ما حرمهم من مجموعة كاملة من الخدمات الأساسية.
نيروبي، كينيا – ترغب أمينة قاسم في التسجيل لتتمكن من الاقتراع في الانتخابات المقبلة في كينيا، حيث ولدت وعاشت طوال حياتها، إلا أنها لم تستطع تحقيق ذلك.
تتحدر أمينة من جماعة عرقية من جنوب شرق تنزانيا وشمال موزمبيق أتت للعمل في الحقول في ثلاثينيات القرن العشرين، وهي لا تملك جنسية. وهذا يعني أنها لا تملك بطاقة هوية كينية تؤهلها القيام بأمور كثيرة، بما في ذلك التصويت.
تقول أمينة: "عندما أحصل على بطاقة الهوية، أريد أن أقترع كأي شخص آخر في كينيا، فهذا يفرحني".
إنها من بين حوالي 6,000 شخص من الماكوندي الذين وصل أباؤهم وأجدادهم إلى كينيا عام 1936 للعمل كعمال في مزارع السيزال وقصب السكر في شرق الساحل الإفريقي. ولم يعد معظمهم إلى الوطن على الإطلاق.
"يقولون "أنت لست من كينيا" على الرغم من أنني ولدت وترعرعت هنا وذهبت إلى المدرسة هنا وقمت بكل شيء في هذه البلاد".
وفي حين أنهم استقروا وكوّنوا عائلات، لم يكن المتحدرون منهم مؤهلين للحصول على الجنسية، ما حرمهم من مجموعة كاملة من الخدمات الأساسية التي يحصل عليها الكينيون بشكل بديهي، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية والتعليم العالي. ودون وثائق الهوية، قد يكون التسجيل للحصول على الخدمات المالية والقروض وحتى على بطاقة هاتف محمول إشكالية.
وفي كينيا، لا يستطيع الأشخاص من الماكوندي وأحفادهم الزواج بشكل قانوني، أو حتى الحصول على وثائق التسجيل، بما في ذلك شهادات الولادة. أما الذين قدموا طلباً للتجنيس، فوجدوا أنهم لا يستطيعون الحصول على الوثائق الضرورية لدعم طلباتهم.
ويقول كوستا، وهو شاب من الماكوندي أمضى حوالي ستة أعوام وهو يحاول دون جدوى الحصول على شهادة ولادة: "من الصعب جداً الحصول على الهوية، فعندما تذهب للتدقيق في سجلاتك، يقولون لك "أنت لست من كينيا" على الرغم من أنني ولدت وترعرعت هنا وذهبت إلى المدرسة هنا وقمت بكل شيء في هذه البلاد".
وفي العالم، ثمة 10 مليون شخص على الأقل يعيشون وضعاً مشابهاً لوضع أمينة وكوستا. وتعمل المفوضية لمساعدتهم في الحصول على الجنسية. وتعمل المفوضية مع الحكومات حول العالم لتحديد ومنع وإيجاد حل لأوضاع عديمي الجنسية.
ولتحقيق هذا الهدف، أطلقت المفوضية حملة عالمية منذ عامين للقضاء على حالات انعدام الجنسية في غضون عشرة أعوام. ويتم الاحتفال سنوياً بحملة #أنا_أنتمي التي من خلالها تستطيع البلدان التي تعمل على حالات انعدام الجنسية من تتبع إنجازاتها.
في الذكرى السنوية الثانية للحملة، جدد المفوض السامي للأمم المتحدة، فيليبو غراندي، الدعوة إلى دعم دولي منظم لإنهاء هذه الظاهرة. وقال غراندي بأن "غير مرئي" هي العبارة الأكثر شيوعاً لوصف عديمي الجنسية وهو وضع قاسٍ خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال. وأضاف: "بالنسبة للأطفال والشباب عديمي الجنسية، فهذا الوصف يعني أن يفوتوا فرص التعليم وأن يتم تهميشهم في الملعب وتجاهلهم من قبل مقدمي الرعاية الصحية والتغاضي عنهم عندما يتعلق الأمر بفرص العمل ومنعهم من الكلام إذا سألوا عن الوضع". وشدد على أنه "يجب أن يحصل جميع الأطفال على الجنسية وعلى أن الأطفال جميعهم يجب أن "ينتموا"".
لحسن الحظ، تم التوصل أخيراً إلى حل لأزمة الماكوندي التي امتدت لعقود. ومن خلال لجنة جمعية القانونية والعدلية في مقاطعة كوالي، نجحوا بمطالبة الرئيس الكيني أوهورو كينياتا العام الماضي بمراجعة قضيتهم. واستجابةً لذلك، دعا إلى تشكيل فرقة عمل للنظر في حالات انعدام الجنسية في البلاد.
"بالنسبة للأطفال والشباب عديمي الجنسية، أن يكونوا "غير مرئيين" قد يعني تفويتهم الفرص التعليمية وتهميشهم"
بدأت فرقة العمل المتعددة الوكالات، التي تضم مديرية الهجرة وتسجيل الأشخاص ومكتب التسجيل الوطني والمكتب الوطني للإحصاء في كينيا ودائرة شؤون اللاجئين وأجهزة المخابرات الوطنية، في جمع بيانات ومعلومات عن الماكوندي ومجموعات أخرى عديمة الجنسية في كينيا. وتم الانتهاء من إعداد تقرير يحتوي على توصيات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وشكلت التوصيات أساس حملة لتسجيل وتجنيس الماكوندي، فضلاً عن أفراد من البيمبا والروندي- وهم المتحدرون من عمال المزارع المهاجرين من رواندا- والكثيرون منهم أيضاً عديمو الجنسية.
هذا العام سعى نشطاء الماكوندي المحبطون جراء التأخير، إلى الحصول على الدعم من لجنة حقوق الانسان في كينيا، وأخيراً قرروا السير لمدة أربعة أيام من مقاطعة كوالي إلى مبنى المجلس التشريعي في نيروبي للقاء الرئيس كينياتا. وخلال الاجتماع مع الرئيس، عبّر رئيس المجموعة توماس نغولي عن مشاعرهم.
وقال: "أتينا إلى هنا لأننا نريد الحصول على بطاقات هوية، فمن دون هويات لا يمكننا القيام بشيء في هذه البلاد".
فأصدر كينياتا الذي صمم على إيجاد حل لقضيتهم، أمراً بتجنيسهم وتسجيلهم كمواطنين في كينيا بحلول ديسمبر 2016.
وأخبرهم كينياتا: "أعتذر لأن منحكم العدالة كالكينيين استغرق وقتاً طويلاً". وأضاف: "اليوم هو اليوم الأخير الذي سيتم اعتباركم فيه زائرين".
بالنسبة إلى لوكاس، وهو من الماكوندي، ولا يملك عملاً مقابل أجر لكنه يعمل كمزارع لإطعام عائلته، إنها أخبار سارة: "عندما تعطينا الحكومة بطاقات الهوية، سنكون سعداء، فلدينا أطفال وسنحصل على فرصة لإعالتهم".