نظام بصمة العين للمساعدات النقدية يحسن حياة اللاجئين السوريين في الأردن
بفضل شراكة مع بنك القاهرة عمان، أصبح الأردن البلد الأول في العالم الذي يستخدم تقنية بصمة العين لتمكين اللاجئين من الحصول على المنح النقدية.
عمان، الأردن، 23 مارس/آذار (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - يجلس أبو أحمد في الصقيع داخل قبوٍ بلا نوافذ يتشاركه مع زوجته وولديه الصغيرين في مبنى سكني في عمان، لكنه يعتبر نفسه "واحداً من المحظوظين."
فهذه الغرفة الرطبة التي تستعملها العائلة كمطبخ وغرفة نوم وغرفة جلوس، أُعطيت له في إطار عمله كناطور للمبنى، ويتقاضى مقابل القيام به راتباً شهرياً يبلغ 70 ديناراً أردنياً (100 دولار ميركي). يخبر الزوار من المفوضية قائلاً: "إنني محظوظ لأنني حصلت على هذه الوظيفة، فهي تتيح لي البقاء مع عائلتي وتبعد عني خطر الوقوع في يد الشرطة بسبب العمل من دون تصريح."
وعلى الرغم من حصوله على وظيفة، يقول أبو أحمد إن الأسرة ما كانت لتتمكن من العيش دون المساعدات النقدية الشهرية التي تبلغ 100 دينار (140 دولاراً أميركياً)، المقدّمة من المفوضية. فهذا المال الإضافي يسمح له بشراء الحليب والحفاضات لابنه الذي يبلغ من العمر عاماً واحداً، وبدفع فواتير الكهرباء والمياه والتدفئة وتغطية تكاليف علاجه.
منذ ثلاثة أعوام، كانت الأسرة تعيش في مدينة داريا، إحدى ضواحي العاصمة السورية دمشق، التي كانت في ذلك الوقت تتعرض يومياً للقصف والغارات الجوية. وكان أبو أحمد يساعد في إجلاء الجيران من منازلهم عندما انفجرت قذيفة بجانبه أفقدته رجله اليمنى.
وبعد مرور عام، وبينما كان يعمل كسائق متطوع في أحد الأفران المحلية، خرقت رصاصة قناص الزجاج الأمامي للشاحنة وأصابته في رأسه. لحسن الحظ بقي على قيد الحياة، إلا أنه تعرض لكسر في الجمجمة استدعى بقاءه لمدة 20 يوماً فاقداً للوعي في أحد المستشفيات الميدانية. تسببت له هذه الإصابة باضطراب عصبي يتطلّب علاجاً دائماً ومكلفاً.
وأخيراً، بعد ثلاثة أشهر من النزوح في محافظة درعا في جنوب سوريا، أُجبرت العائلة خلالها على الانتقال بين المدارس المهجورة والمآوي المؤقتة كل أسبوع أو أسبوعين، غادر أبو أحمد سوريا برفقة نور، زوجته الحامل، وابنته الصغيرة شام، متوجهاً إلى الأردن في صيف العام 2013.
وفي حين تمكنت العائلة من الحصول على كفيل أردني للانتقال من مخيم الزعتري للاجئين إلى عمان، يقول أبو أحمد الذي يعمل كناطور إن العام الأوّل للعائلة بصفتها عائلة لاجئة كان صعباً للغاية، ويضيف: "لا يمكنني أن أصف مدى صعوبة ذلك العام. فلم نملك سوى فراش واحد، لم يكن لدينا ملابس بديلة. كنا نستخدم الفراش كوسادة وننام على الأرض."
ونظراً إلى عدم تمكن العائلة من العيش بما لديها من مال، أُجبرت على الاقتراض، فتراكمت الديون إلى أن بلغت 1,200 دينار خلال العام الأول. وبعد تقييم أجراه موظفو المفوضية منذ خمسة أشهر، تم إبلاغ أبو أحمد بأنه سيحصل على المساعدات النقدية الشهرية.
يقول وهو يتذكر لحظة سماعه الخبر: "شعرت العائلة بالسعادة. فلا تزال الحياه صعبة بالنسبة إلينا في هذا الوضع، لكن الأمور تحسنت كثيراً بالنسبة إلى ما كانت عليه في السابق."
يتلقى أبو أحمد في الأسبوع الأول من كل شهر رسالة نصية تبلغه بأنه قد تم إيداع المال في حسابه المصرفي. فيتوجه إلى البنك الذي يقع على بعد 2 كلم عن مكان إقامته، ليقوم بسحب النقود.
وبفضل الشراكة مع بنك القاهرة عمان، يعتبر الأردن البلد الأول في العالم في استخدام نظام بصمة العين لتمكين اللاجئين من الحصول على أموالهم من دون الحاجة إلى بطاقات مصرفية أو إلى رمز تعريف شخصي. وتستفيد حوالي 23,000 عائلة سورية تعيش في المناطق الحضرية في الأردن حالياً من المساعدات النقدية الشهرية.
أتت التكنولوجيا بعدد من الإيجابيات، وفقاً لممثل المفوضية في الأردن أندرو هاربر. قال: "هذا البرنامج هو على الأرجح الأكثر فعالية وكفاءة بين برامج المساعدة في أنحاء العالم فهو يعتمد على بصمة العين لتحديد الشخص، ما يجعله قادراً على منع عمليات الاحتيال."
يتميز النظام بتكاليف عامة منخفضة جداً، إذ يذهب أكثر من 98% من كل دولار يتم التبرع به لبرنامج المساعدات النقدية، إلى جيوب اللاجئين.
يضيف هاربر قائلاً: "على الأرجح أن الأهم هو أنه يعزز كرامة اللاجئين؛ فليسوا بحاجة بعد الآن إلى التوجه إلى مكتب للمفوضية والانتظار في الصف للحصول على مساعداتهم النقدية. بل يمكنهم التوجه إلى جهاز الصراف الآلي التابع لأحد المصارف المشاركة وسحب المال، تماماً كغيرهم من الناس."
ونظراً إلى نجاح النظام في الأردن، هناك خطط لاعتماده في بلدان أخرى في المنطقة في إطار الاستجابة للأزمة في سوريا. وأخيراً، يعتقد هاربر بأن هذا النظام سيصبح نموذجاً لبرامج المساعدات النقدية الخاصة بالمفوضية في أنحاء العالم.
يقول أبو أحمد إن المساعدات النقدية التي يتلقاها ساعدته في تحمّل الوضع الصعب في انتظار عودة السلام إلى سوريا لتتمكن أسرته من العودة إلى الوطن: "أستيقظ كل صباح وأقول في نفسي إن هذا الوضع مؤقت وإن الأمور ستتحسّن قريباً، ولكن مر وقت طويل من دون أن يتغيّر أي شيء."
بقلكم تشارلي دونمور في عمان، الأردن