الكابويرا البرازيلية تنقل أجواء الأولمبياد إلى اللاجئين الأفارقة

بعد الفرار من العنف في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يركز اللاجئون آمالهم على الفريق الأولمبي للاجئين بينما يمارسون فن الدفاع عن النفس البرازيلي الذي يجمع بين الرقص والألعاب البهلوانية والموسيقى.

 

شخصان يمارسان الكابويرا محاطان بحلقة من المشاركين الذين يغنون ويصفقون ويقرعون الطبول.   © UNHCR/Kate Thompson Gorry

مول، جمهورية الكونغو الديمقراطية – إنه منتصف النهار في مخيم مول اللاجئين وأشعة الشمس محرقة إلا أن مجموعة من اللاجئين تبدأ بلعب الكابويرا على التربة البنية الحمراء.

تملأ الإيقاعات الأجواء بينما تحيط باللاعبين حلقة مؤلفة من مشاركين يغنون ويصفقون ويقرعون الطبول. أتى عشرات اللاجئين المقيمين في المخيم، بما في ذلك أطفال كثر، لمشاهدة العرض والمشاركة فيه.

ويقول بورتر كوكولو دياك، وهو محترف في فن الكابويرا في المخيم يبلغ من العمر 17 عاماً: "عندما نغني، نشعر وكأننا نطير في الهواء كالأطفال. وننسى كل الأمور السيئة عندما نشكل الحلقة. وعندما نغني ننسى كل شيء، ونشعر بالحماسة. نحن سعداء".

ويجمع فن الدفاع عن النفس البرازيلي هذا، الرقصَ والألعاب البهلوانية والموسيقى وتعود جذوره إلى أنغولا وجمهوريتي الكونغو. إنه فن معروف جداً في مخيم مول، في أقصى شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي يستضيف أكثر من 14,000 لاجئ من جمهورية إفريقيا الوسطى.

تم إدخال فن الكابويرا إلى المخيم منذ عامين من قبل المفوضية وشريكتها منظمة ADSSE غير الحكومية باعتباره نشاطاً ترفيهياً – على أمل أن يعزز السلام والمصالحة ويخفف من حدة التوتر بين اللاجئين. ويتدرب ممارسو الكابويرا في المخيم حالياً ثلاث مرات في الأسبوع.

لاعبا كابويرا يتدربان في مخيم مول للاجئين الواقع في أقصى شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية.  © UNHCR/Kate Thompson Gorry

ويقول المدرب أرستوت ماكولا غاردينواس، البالغ من العمر 31 عاماً، وهو لاجئ سابق من أنغولا: "يمنحك فن الكابويرا السلام والقدرة على ضبط النفس. وأنا أحبه لأنه ساعدني على استعادة قدرتي على ضبط النفس وعلى التمتع بروح الفريق".

فر غاردينواس من الحرب في أنغولا مع عائلته عندما كان في الخامسة من العمر، بعد أن قُتل والده. انضم إلى مجموعة تمارس الكابويرا في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما أنها شكلت له منفذاً إبداعياً من مشاكل ومخاطر الحياة اليومية، بما في ذلك عصابات الشوارع التي تسمى " كولوناس".

ويشرح قائلاً: "بدأت ممارسة الكابويرا في كينشاسا لتجنب الانضمام إلى الكولوناس. فحتى أصدقائي كانوا ينضمون إليها. ولم أرغب في أن أشارك في ذلك فبدأت ممارسة الكابويرا للتعلم".

وفي حين أنه أصبح حالياً مواطناً كونغولياً، يدرك غاردينواس تماماً ما يعني أن يكون الشخص لاجئاً يحتاج إلى إيجاد السلام والانسجام. وهو مقتنع بأن فن الكابويرا يخفف من التوتر ويعزز التسامح ويساعد اللاجئين على العيش معاً بسلام في المخيم وبانسجام مع السكان المضيفين.

لاجئون من جمهورية إفريقيا الوسطى يتدربون على الكابويرا أمام الجمهور في مخيم مول في محافظة إكواتور في جمهورية الكونغو الديمقراطية.  © UNHCR/Brian Sokol

ويقول دياك، أحد طلاب غاردينواس: "قبل إدخال الكابويرا، كنا نواجه المشاكل. فقد منحنا فن الكابويرا السلام والقدرة على ضبط النفس والحب. ونحن نعيش اليوم معاً براحة ونستطيع ضبط أنفسنا، كما أننا نعيش أيضاً بسلام مع السكان المضيفين. وهم أيضاً يأتون لممارسة الكابويرا معنا في أوقات بعض الظهر. ونسير معهم إلى المنزل ونتحدّث".

وقد ساعد فن الكابويرا أيضاً ماري فانول، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 39 عاماً، على التعامل مع صدمة الحرب التي أجبرتها على الفرار من منزلها في بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، قبل ثلاثة أعوام.

وتقول: "فررنا لأن هنالك الكثير من الجثث والقتلى في الشوارع. وعندما ترى الكثير من الدم، تشعر بالألم. ولم نستطع التحمّل لذلك أتينا إلى هنا. وعندما أمارس الكابويرا، أشعر بأنني بخير وأنسى مشاكلي".

وبينما يقوم الأشخاص الذين يمارسون الكابويرا في مخيم مول بالقفز والركل والدوران على أنفسهم، يفكرون في أول فريق أولمبي مؤلف من اللاجئين ينافس في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 التي تقام في ريو ويتماهون به بقوة.

"يتمتع اللاجئون أيضاً بالمواهب ويستطيعون المساهمة في المجتمعات".

 

ويقول دياك، شارحاً الدفع الذي أعطته مشاركة الرياضيين العشرة تحت راية اللجنة الأولمبية الدولية للاجئين مثله: "نحن نؤمن بكم ونعتمد عليكم للفوز".

ويضيف: "نشعر بالارتياح عندما ندرك أن العالم يتذكرنا. في أعماق أنفسنا، نفكر في أننا لاجئون ولا يمكننا القيام بشيء. لكن هذا ليس صحيحاً؛ فاللاجئون يتمتعون بالمواهب ويستطيعون المساهمة في المجتمعات".

يأمل ممارسو الكابويرا في مول في أن يحصلوا يوماً على فرصة السفر إلى البرازيل لتحسين مهاراتهم، وأن يصطحبوا معهم هذا الفن الرياضي إلى جمهورية إفريقيا الوسطى.

ويقول دياك: "نحلم في ممارسة الكابويرا خارج مخيم مول للاجئين وأخذه معنا إلى بانغي".