خيوس.. جزيرة يونانية تتحدى المصاعب للتعامل مع تدفق اللاجئين
قادت رحلة خطيرة إحدى العائلات إلى خيوس، حيث تقوم السلطات بهدوء بمعالجة حالات اللاجئين.
خيوس، اليونان، 22 ديسمبر/كانون الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- حين شاهد اللاجئ السوري محمد نوفل ياسين السكين للمرة الأولى، خشي أن يكون ارتكب خطأ فادحاً.
رأى الزورق الصغير المزدحم، وأدرك أنَّ ما قيل له كان كذباً؛ فازدادت مخاوفه.
وقال ياسين، وهو خباز يبلغ الأربعين من العمر، اضطر للفرار من مخيم اليرموك الفلسطيني للاجئين قرب دمشق مع زوجته وأطفاله الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين الأربعة والثمانية أعوام: "قيل لي بأننا لن نكون أكثر من 35 شخصاً على متن الزورق. وحين رأيتُ أكثر من 60 شخصاً، رفضنا الصعود على متنه".
كلَّفه العبور 3,400 دولار أميركي، لكنه كان على استعداد لنسيان أمر المال، إلا أن السكين الذي رآه أجبره على الركوب.
بكت إحدى التوأمين البالغتين من العمر أربعة أعوام، مطالبةً بالعودة إلى المنزل. وصاح ابنه البالغ من العمر ثمانية أعوام رافضاً "الموت على ذلك الزورق".
كانت الساعة الواحدة والنصف صباحاً، وقد وصلوا للتو من رحلة استغرقتهم ثلاث ساعات في شاحنة من دون نوافذ، إلى مكان قريب من قرية جشمة التركية حيث كانت سفينة المهربين المكتظة بانتظارهم.
وأدرك ياسين، مع ذلك، أن البقاء ليس خياراً؛ فما يتركونه وراءهم ليس إلاَّ بؤساً. لا مجال لـ"العودة". لا بيت لهم يعودون إليه؛ فصعدوا بخوف على متن الزورق.
فرَّت عائلته من حربٍ قضت على والدَي محمد عام 2013، عندما قُصِف منزل الأسرة. وقُصف المخبز الذي كان يُديره مع شقيقه الأكبر كذلك ودُمر. وأخيراً، لقي بيت أحد الأقارب الذي لجأوا إليه المصير نفسه.
وكان خوف الأطفال من الزورق محقاً؛ فبعد 50 دقيقة على انطلاق الرحلة، وفي منتصف الليل، نفد الوقود من القارب.
لكنَّ الحظ كان إلى جانبهم؛ فقد أنقذهم خفر السواحل اليوناني. وابتسم لهم القدر مرة ثانية حين أُخذت العائلة التي أُنقذت إلى جزيرة خيوس.
لقد احتلت جزيرة ليسفوس القريبة معظم العناوين الرئيسة باعتبارها وجهة الغالبية من آلاف اللاجئين الذين عبروا البحر الأبيض المتوسط سعياً إلى السلامة هذا العام. وقد رفع تدفق اللاجئين الهائل سقف التحديات أمام تلك الجزيرة التي كافحت للتعامل معه.
وخيوس، المماثلة من حيث الحجم والمسافة من البر التركي، تقع إلى الجنوب. قد لا تكون اجتذبت الأضواء كليسفوس، ولكنها تأثرت بشكل كبير أيضاً جراء الهجرة الجماعية للفارين من الحروب في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
عملت السلطات المحلية في خيوس بهدوء لاستقبال اللاجئين بطريقة مخططة ومنظمة، ورحبت المفوضية بذلك.
وأُعِدَّ مركز جديد للتسجيل والاستقبال لألف شخص في مصنع قديم خارج مدينة خيوس، سيُفتتح قريباً. بانتظار ذلك، افتتح مركز استقبال جديد مؤقت في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، إلى جوار جدران القلعة التاريخية، بالقرب من الميناء.
هناك، أنشأت المفوضية، بالتعاون مع البلدية وغيرها، 34 وحدة إسكان للاجئين وقاعتين مجتمعيتين أشبه بخيمتين مزودتين بالتدفئة، ما يوفر السكن لحوالي 1,000 شخص.
وأثنى جو كوبر، رئيس المكتب الميداني للمفوضية في خيوس، على المتطوعين المحليين لقيامهم "بعمل هائل" في الموقع القديم، لكنه قال بأن الموقع المؤقت الجديد مجهز بطريقة أفضل، ومزود بالمعدات الطبية، والحمامات وملاعب الأطفال، ويديره الموظفون على مدار الساعة.
وحتى اليوم في عام 2015، شهدت جزيرة خيوس وصول 113,000 لاجئ، بمعدل حوالي 700 شخص يومياً في ديسمبر/كانون الأوَّل.
ويعمل المسؤولون من خفر السواحل ووكالة فرونتكس والشرطة المحلية على تسجيل القادمين الجدد على مدار 24 ساعة في اليوم. وأدى تدفق اللاجئين كذلك إلى تضافر جهود القطاعات المختلفة للمجتمع المحلي، من السلطات البلدية والشرطة وخفر السواحل، إلى المتطوعين من جامعة إيجه والمترجمين الفوريين الذين توفرهم شريكة المفوضية، منظمة MetAction غير الحكومية.
وقال جيورجيوس أمنتاس، المشرف على مكتب الأجانب في دائرة شرطة خيوس، في مركز التسجيل: "التعاون جيّد بين الشرطة وخفر السواحل ونحن نخطط معاً ونتبادل الآراء ونجد الحلول". ومع توافر المترجمين الفوريين، تحسَّن التفاعل بين السلطات والمجتمع المحلي واللاجئين. وأضاف أمنتاس: "التواصل الجيد وتوفير المعلومات، هما الأمران الوحيدان اللذان يهدئان اللاجئين".
وتتم معالجة حالات بعض اللاجئين الذين يصلون إلى خيوس، ويُنقلون إلى البر اليوناني في يوم واحد.
ويأمل أفراد عائلة ياسين أن يكونوا قد تخطوا الأسوأ وأن يستطيعوا أخيراً وداع حربٍ جعلت منهم لاجئين مرتين. وقال ياسين بأنه سيكون دوماً ممتناً لخفر السواحل اليوناني.
وأضاف: "لقد أنقذونا، كانوا مهذبين للغاية، ونحن ممتنون جداً لهم".
بقلم كيتي كيهايويلو، خيوس، اليونان