التسجيل يساعد طفلاً سورياً مصاباً بالشلل الدماغي في الحصول على رعاية صحية في العراق
قبل اندلاع الأزمة السورية في مارس/آذار 2011، كانوا يعيشون حياة سعيدة وهادئة في دمشق حيث كان منزلهم قريباً من العيادة التي يذهب محمد إليها من أجل العلاج. ولكن خلال العام الماضي بدأت الأمور تسوء مع تصاعد حدة الصراع السوري.
السليمانية، العراق، 16 أكتوبر/تشرين الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - عندما فر عبدول وعائلته من العاصمة السورية دمشق في وقت سابق من العام الجاري وبحثوا عن المأوى في الريف، كانوا يهربون من الاضطهاد العرقي. ولكن اتخاذ القرار الحاسم بعبور الحدود إلى شمال العراق كان من أجل طفله الأصغر.
يقول عبدول لموظفي المفوضية بالسليمانية إن "السبب الرئيسي لقدومنا إلى هنا هو ابننا"، مشيراً إلى أن محمد البالغ من العمر ستة أعوام وُلد مصاباً بشلل دماغي وبحاجة إلى علاج طبي مكثف أثناء نموه.
ويضيف عبدول، الذي يعمل خياطاً وينتمي عرقياً إلى السوريين الأكراد، قائلاً: "نحن على ثقة بالله وبأننا سنتمكن من إيجاد علاج لابننا". ويقول وهو يحمل محمد برفق بين ذراعيه: "سأسافر إلى أي مكان للحصول على علاج لابني". ويفتح التسجيل لدى المفوضية مجالاً للحصول على العديد من الحقوق، بما في ذلك الرعاية الصحية الحيوية التي يحتاج إليها هذا الولد.
إن الرحلة لإيجاد رعاية طبية لابن عبدول الأصغر قادته هو وزوجته صالحة وابنه الأكبر قاسم، الذي يبلغ من العمر ثماني سنوات، فضلاً عن محمد، إلى قرية بازيان التي تقع بالقرب من السليمانية في إقليم كردستان العراق. لم تكن رحلة سهلة.
وقبل اندلاع الأزمة السورية في مارس/آذار 2011، كانوا يعيشون حياة سعيدة وهادئة في دمشق حيث كان منزلهم قريباً من العيادة التي يذهب محمد إليها من أجل العلاج. ولكن خلال العام الماضي بدأت الأمور تسوء مع تصاعد حدة الصراع السوري.
ويبوح عبدول قائلاً: "لقد تعرضنا للتهديد لكوننا أكراداً. لقد طُلب منا الخروج من المدينة". انتقلت العائلة من دمشق إلى محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد، ولكنها لم تشعر بالأمان كما لم يكن يتوفر هناك علاج طبي لمحمد في المنطقة بما كان يشكل خطورة. ومن ثم اتخذ عبدول وزوجته قراراً من شأنه أن يغير حياتهم بعبور الحدود إلى العراق ليلحقوا بعشرات الآلاف من غيرهم من السوريين الأكراد.
وبعد مرور شهر، قاموا بالتسجيل كلاجئين في مركز المفوضية بالسليمانية. إنهم من ضمن 100 عائلة لاجئة تقريباً يتم تسجيلها يومياً في السليمانية، ليضيف ذلك إلى تعداد اللاجئين السوريين الذين يقل عددهم قليلاً عن 200,000 شخص وينتشرون في أنحاء الشمال.
ويقول ويليام تول، الذي يرأس فريق المفوضية في إقليم كردستان العراق: "إن عملية التسجيل، التي تدعمها المفوضية الأوروبية عن طريق إدارة المعونة الإنسانية والحماية المدنية التابعة لها، تُعد أمراً حيوياً من أجل التمكن من إحصاء عدد اللاجئين وتوفير الخدمات لهم". ويضيف قائلاً: "إن التسجيل هو أداة الحماية الأولى وأحد أكثر أدوات الحماية التي نملكها أهمية لأن جميع أوجه الحماية والخدمات الأخرى تأتي بعده".
ونظراً لكون محمد يعاني من إعاقة فإن المفوضية تقوم بتصنيفه كلاجئ ضعيف من ذوي الاحتياجات الخاصة. وسيضمن التسجيل اتصاله بالأخصائيين وتلقيه الرعاية الصحية والعلاج الضروريين.
ولكن التسجيل من شأنه أيضاً أن يُفيد باقي العائلة بصورة مباشرة، حيث يفتح المجال أمام إمكانية الحصول على تصريح للإقامة وحقوق في التوظيف ومساعدات غذائية إلى جانب التعليم.
وتوفر حكومة إقليم كردستان رعاية صحية مجانية للاجئين السوريين كما تفعل مع السكان المحليين، إلا أن الموارد تنفد لتلبية الطلب المتزايد بصورة كبيرة. وتناشد المفوضية المجتمع الدولي لتوفير المزيد من المساعدات للبلدان المجاورة مثل العراق الذي يتحمل عبء استضافة ما يزيد عن مليوني لاجئ سوري.
ورغم مشكلاتهم المالية الخاصة بهم، إلا أن العديد من المجتمعات المحلية في إقليم كردستان العراق يتقاسمون ما يملكون مع القادمين من سوريا. وفي بازيان، قام القرويون بإعطاء المال والطعام لعبدول وعائلته وآخرين غيرهم. ويقول عبدول متحدثاً عن جيرانه الجدد: "ليس هناك من هم أفضل منهم في العالم".
كانت التبرعات سخية للغاية حتى إن عبدول قام بشراء ماكينة خياطة لنفسه، وهو يخطط للعودة إلى عمله ودعم عائلته مرة أخرى وأن يصبح لديه اكتفاء ذاتي، وهو هدف تشجعه المفوضية.
ستكون عملية طويلة وبطيئة. حيث إنه مع إعاقة ابنهما، ليس هناك حل سريع وسهل للتحديات التي تواجه العائلة. ولكن مع ما يقدمه المجتمع المضيف من نوايا حسنة وكرم، إلى جانب عملهما بجد وتفانيهما، فهما يأملان في مستقبل أفضل.
بقلم بن فاريل - السليمانية، العراق