دراسة: اللاجئون السوريون في الأردن ولبنان بين براثن الفقر
تقرير مشترك بين مجموعة البنك الدولي والمفوضية يكشف عن انتشار واسع للفقر والضعف.
عمان، الأردن، 16 ديسمبر/كانون الأول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - كشفت دراسة نُشرت اليوم من قبل مجموعة البنك الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان يعانون من مستويات شديدة من الفقر ويُتوقع أن يزداد الوضع سوءاً في المستقبل القريب.
ويعيش حوالي 1.7 مليون لاجئ سوري مسجل في الأردن ولبنان في أوضاع بائسة، ولا يستطيعون في غالب الأحيان تحمل نفقات المواد الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية الكافية والملابس والأدوية. ومعظم هؤلاء هم من النساء والأطفال الذين يعيشون على الهامش في مخيمات حضرية وريفية، وليس في مخيمات اللاجئين، ويقيم عدد كبير منهم في مساكن دون المستوى المطلوب.
ففي الأردن وحده، تم تحديد تسعة من أصل كل عشرة لاجئين مسجلين، على أنهم فقراء أو سيصبحون كذلك قريباً، كما جاء في التقرير.
وتم تقييم معظم هؤلاء على أنهم معرضون جداً لأزمات نقدية وغذائية كتلك التي نتجت عن اضطرار برنامج الأغذية العالمي في وقت سابق من هذا العام إلى الحد مؤقتاً من المساعدات الغذائية لمئات آلاف اللاجئين بسبب نقص التمويل، أو تعليقها.
وصرّحت كيلي ت. كليمنتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قائلةً بأن "هذا التقرير يعرض تحليلاً يثير المخاوف حول الفقر المدقع الذي يعيش فيه اللاجئون السوريون الذين تحملوا الصدمة تلو الأخرى. فوضعهم سيزداد سوءاً طالما لم يحدث تغيير جذري في الفرص المتاحة لهم للاعتماد على الذات والمساهمة في الاقتصادات المحلية".
ومن بين مَن يعانون من الفقر، هنالك يسرى، وهي أم عزباء من حمص تبلغ من العمر 45 عاماً. فرت من القتال وأتت إلى عمان في مارس/آذار 2014 مع أطفالها الثلاثة، ولم يكن معها سوى خمسة دولارات بما أن مواردهم استُنزفت بعد ثلاثة أعوام من النزوح داخل سوريا.
وأخبرت الزائرين من المفوضية قائلةً: "ما زلت وولديّ نرتدي الملابس نفسها التي أتينا بها إلى عمان". وبما أنها بالكاد تستطيع تأمين بدل الإيجار الشهري البالغ 100 دينار أردني (140 دولاراً أميركياً) لشقتها المؤلفة من غرفتين صغيرتين، غالباً ما تفوِّت مع ابنها الأكبر وجباتهما الغذائية لضمان حصول ابنتها البالغة من العمر 10 أعوام وابنها الآخر، الذي يعاني من إعاقة ذهنية على الطعام الكافي.
تقول يسرى: "أبذل كل ما في وسعي لأبقى قوية وأحافظ على عائلتنا مجتمعةً - هذا كل ما يمكنني فعله". تعتمد العائلة على 3 أو 4 دنانير (4-6 دولارات) يكسبها يومياً ابنها البكر غزوان، البالغ من العمر 26 عاماً، من عمله غير النظامي في متجر للفاكهة والخضار يبعد عن منزلهم ساعة واحدة مشياً على الأقدام. وتقول بأنها تأمل بأن يُسمح لجميع السوريين بالعمل بشكل قانوني "ليحاولوا تحسين حياتهم".
وتشدد الدراسة على أهمية برامج المساعدة الإنسانية، ولكن أيضاً على القيود المفروضة عليها، وتدعو لدمج اللاجئين بشكل أكبر في اقتصادات البلدان المستضيفة لهم، كجزء من الجهود الشاملة للتخفيف من حدة الأزمة. ووجد التقرير أنه، وفي حين أن محدودية التمويل تعني أن الأشخاص الأكثر ضعفاً فقط هم الذين سيستفيدون من برامج المساعدات النقدية والغذائية على المدى القصير - في فترة سريانها - ستُفيد سياسات الدمج على المدى الطويل جميع اللاجئين فضلاً عن المجتمعات المستضيفة لهم.
وبما أن الأطفال يشكلون حوالي نصف اللاجئين السوريين، يحذّر التقرير أيضاً من أن عدم كفاية نوعية التعليم وتوفره، يهدد بتقويض آفاق نموهم المستقبلي. ففي الأردن، حوالي نصف الأطفال اللاجئين ممن هم في سن الدراسة ملتحقون حالياً بالتعليم الرسمي.
أبو فيصل، البالغ من العمر 35 عاماً والقادم من الغوطة في ريف دمشق، هو مدرس سابق في إحدى المداس الابتدائية ويعيش حالياً مع عائلته في خيمة في ضواحي مدينة المفرق في شمال الأردن. ولا يحصل أي من ولديه، وهما في سن الدراسة، على التعليم حالياً.
يقول: "كان ولداي يحبان الذهاب إلى المدرسة، ولكن لا يوجد أماكن في المدرسة المحلية هنا ولا يمكنني تحمل أجرة الحافلة لإرسالهم إلى المدينة كل يوم. فنحن نقضي يومنا محاولين إيجاد ما يكفي من الطعام. وكلما طال بقاؤنا هنا كلما ازداد الوضع صعوبة، فمع مرور الوقت تزداد المصاعب علينا".
بقلم تشارلي دنمور في عمان، الأردن
الدراسة بعنوان "رفاه اللاجئين السوريين: أدلة من الأردن ولبنان" متوفرة هنا:
https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/23228