لاعب جودو يدخل التاريخ في ريو كأول لاجئ يفوز بمنافسة أولمبية

الكونغولي يسرق قلوب زملائه اللاجئين والبرازيليين بقصته الصعبة في التغلب على الشدائد.

 

بوبول ميسينغا يحتفل بأول فوز في التاريخ لرياضي لاجئ في دورات الألعاب الأولمبية.   © UNHCR/Benjamin Loyseau

ريو دي جانيرو، البرازيل - عندما ظهرت صورة بوبول ميسينغا على شاشة التلفزيون الضخمة، انفجر الحشد المترقب فرحاً، لتخترق الهتافات والأغاني هدوء الصباح وسط مدينة ريو دي جانيرو.

وردد الحاضرون بصوت واحد: "هيا يا بوبول، هيا يا بوبول".

كان ذلك مشهداً بالكاد استطاع الجمهور في المركز الاجتماعي تصديقه: لاجئ كونغولي مقيم في البرازيل، يتنافس في دورة الألعاب الأولمبية؛ إنها ذروة الإنجاز الرياضي.

طوال حياته، تحدى بوبول الصعاب.

 

بالنسبة لهم، فإن مشاركته وحدها تساوي وزنها ذهباً. ولكن الشاب البالغ من العمر 24 عاماً، من جمهورية الكونغو الديمقراطية، تحدى الصعاب طوال حياته. وكان عازماً على أن يفعل ذلك من جديد، ولم يكن هذا الاحتفال لينتهي قريباً.

متأنقاً بسترة الجودو الزرقاء، انحنى أمام زميله المنافس، افتار سينغ من الهند والذي يُعد أكثر خبرة، فطغى هدوء حذر لفترة وجيزة على الجمهور.

مع بدء المباراة ونجاح بوبول بالهروب من محاولات خصمه المراوغ للسيطرة، ارتفع الحماس والضجيج من جديد بشكل تدريجي.

وفجأة، في دوامة من اللف والتقلبات، انتهت المباراة بفوز بوبول، ليشتعل الجمهور فرحاً. الأطفال رقصوا والنسوة بكين وزغردن والرجال قرعوا الطبول وتعانقوا.

: لاجئون كونغوليون يشاهدون بقلق مباراة بوبول ميسينغا الأولمبية في الجودو.  © UNHCR/Benjamin Loyseau

وقالت كريستين كامبا، وهي والدة شابة وصلت إلى البرازيل منذ 10 أشهر فقط: "أنا لست فرحة فقط، بل أشعر بسعادة غامرة. أنا أعرفه، كلنا نعرفه. إنه صديقنا وهو يصارع لأجلنا جميعاً."

بوبول، القادم من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الذي تمزقه الصراعات، فاز فقط حتى الجولة الثانية، ليخسر المباراة اللاحقة التي وجد نفسه فيها أمام بطل العالم. ولكنه صنع التاريخ.

وقال للمفوضية في وقت لاحق: "اعتقدت أن أحداً لن يهتف لي. ثم رأيت أن كل البرازيل كانت تدعمني فتأثرت جداً. شعرت بشيء يقول في داخلي: علي الفوز بهذه المباراة الأولى. وفزت بالفعل."

وفي الواقع، فإن بوبول صنع التاريخ مرتين في أسبوع واحد. في المرة الأولى، كعضو في أول منتخب للاجئين يشارك في الألعاب الأولمبية، وفي المرة الثانية، كأول لاجئ أولمبي يتخطى الجولة الأولى.

"سأعود ... سآتي بعد هذا البطل وسأنتصر عليه"

 

وأضاف قبل أن يتعهد بمتابعة التمرين: "في المباراة الثانية، واجهت بطل العالم. ولكنني سأعود بعد دورة الألعاب من أجل الحصول على ميدالية. سآتي بعد هذا البطل وسأنتصر عليه. أنا سعيد للغاية وقد دخل إسمي بالفعل في تاريخ هذه الألعاب. أود أن أتنافس أكثر. لن أتوقف".

لم يكن لأغلب من هم في المركز إلا القليل ليهتفوا له في الآونة الأخيرة. فقد فروا من الصراع والاضطهاد إلى مستقبل مجهول، فقدوا العائلة والأصدقاء، وأحياناً فقدوا الأمل. ومثل اللاجئين وغيرهم في جميع أنحاء العالم، أحبوا المنتخب الأولمبي للاجئين.

بوبول في طريقه نحو الفوز على افتار سينغ في أول مباراة له في دورة الألعاب الأولمبية  © UNHCR/Benjamin Loyseau

فاز الفريق المؤلف من 10 أعضاء، الذي شكلته اللجنة الأولمبية الدولية بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بمعجبين من جميع أنحاء العالم - ليس فقط لإعطائه الناس غير الممثلين فرصة بأعلى المستويات، بل أيضاً لأنه رمز للأمل والانتصار على الشدائد.

كان لبوبول ومواطنته يولاند مابيكا، التي تنافست في وقت سابق ولكنها خسرت جولتها، أهمية خاصة لدى هذا الحشد. فقد مر غالبية الـ1000 لاجئ كونغولي في ريو دي جانيرو بمركز الدعم الذي تديره كاريتاس، الشريكة المنفذة للمفوضية.

وقال منظم كاريتاس، ديوغو فيليكس: "يعاني جميعهم مشاكل في التأقلم وصعوبات بسبب اللغة والصدمات النفسية، ونحن نساعدهم قدر الإمكان. نحن ندعم احتياجاتهم الأساسية ونساعدهم على الوقوف على أقدامهم ".

في عام 2013، جاءت يولاند وبوبول معاً إلى ريو للمنافسة في بطولة العالم للجودو. صادر مدربهما جوازي سفرهما وقدم لهما كميات محدودة من الطعام - كما كان يفعل في كل منافسة في الخارج.

وبعد أن ضاقا ذرعاً من سنوات من سوء المعاملة، هربا من الفندق معاً وتجولا في الشوارع بحثاً عن المساعدة. انتهى بهما المطاف في هذا المركز. هنا وجدا أصدقاءً ودعماً واستعادا حياتهما شيئاً فشيئاً.

:لاجئون كونغوليون في ريو يهتفون ليولاند وبوبول فيما يشاركان في دورة الألعاب الأولمبية.  © UNHCR/Miguel Pachioni

وقال شارلي كونغو، البالغ من العمر 35 عاماً، والذي كان واحداً من بين أول الكونغوليين الذين وصلوا إلى المركز منذ ثماني سنوات وهو يعمل الآن في أحد الفنادق المحلية: "نحن هنا كلنا يداً واحدة. لقد تنافسا لأجلنا اليوم ولأجل كل اللاجئين وأظهرا ما يمكن فعله. لقد كانت الحياة صعبة علي، ولكن كاريتاس والمفوضية ساعدتاني على الوقوف من جديد".

لبوبول شعبية أيضاً بين البرازيليين. فقد تأثر العديد من الشبان الفقراء بقصته، وهز العالم عندما انهمرت دموعه في مؤتمر صحفي في وقت سابق، بينما ذكر بأنه لم ير أسرته منذ أكثر من 18 عاماً - منذ أن انفصل عنها بسبب الحرب واختبأ وحيداً في الغابة لمدة ثمانية أيام.

وقال المدرب جيرالدو بيرنانديس الذي هو أيضاً مدرب المنتخب البرازيلي، أنه فخور بمشاركته في مساعدة منتخب اللاجئين.

وأضاف: "غادر الساحة مع ميدالية على صدره. وأنا أيضاً فزت بميدالية ذهبية، ميدالية ذهبية اجتماعية في قلبي ... فالبرازيل تعطي في هذه الألعاب، مثالاً على كيفية استقبال الناس الذين عانوا كثيراً والذين يواجهون ظلماً كبيراً".