عدد أكبر من الأطفال السوريين يلتحقون بالمدارس اللبنانية

تعمل المفوضية مع شركائها في لبنان لتوسيع الفرص التعليمية لآلاف اللاجئين الشباب القادمين من سوريا المجاورة.

 

يشارك محمود، وهو لاجئ وأب من سوريا، آماله ومخاوفه بشأن تعليم أطفاله وذلك خلال اجتماع نظمته المفوضية ولجنة الإنقاذ الدولية في بعلبك، لبنان.   © UNHCR/Matthew Saltmarsh

بعلبك، لبنان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - فرّ محمود، وهو أب لثمانية أطفال، من الحرب في سوريا منذ أربع سنوات، ليصل مع معظم أفراد أسرته إلى بر الأمان في لبنان. ومنذ ذلك الحين، انقطع تعليم أطفاله مرات عديدة. فقد فوت بعضهم سنوات من الدراسة.

وقال محمود على هامش اجتماع لتوعية آباء وأمهات الأطفال اللاجئين، نظمته المفوضية في البلدة الواقعة شرق لبنان: "أحلم بأن يكون لديهم مستقبل باهر، أفضل من حالهم اليوم".

وأضاف: "ربما يصبح أحدهم مهندساً معمارياً، والآخر طبيباً. أتمنى الأفضل لهم في المجتمع وفي الحياة. وليكون لديهم مركز في الحياة، يُعتبر التعليم مهماً جداً".

تعمل المفوضية والحكومة اللبنانية وغيرهما من الشركاء مثل اليونيسف، مع اللاجئين مثل محمود لتحقيق ذلك من خلال تحسين فرص التعليم للأطفال بين أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان.

في عام 2012، فتحت وزارة التربية والتعليم العالي أبواب المدارس الرسمية للطلاب اللاجئين، مما منحهم فرصة للحصول على التعليم. وأضافت في وقت لاحق دواماً ثانياً لتمكين عدد أكبر من الأطفال من الالتحاق.

كانت هناك إيجابيات عدة. ويوضح تقرير أخير بعنوان "المفوضية في لبنان: العودة إلى المدرسة"، أن 157,984 طفلاً لاجئاً – من صف الروضة وحتى الصف التاسع - كانوا مسجلين في التعليم العام الرسمي في يناير، بعد أن كان عددهم 106,735 في العام السابق و62,664 في عام 2013-2014.

يتم حالياً وضع أهداف أكثر طموحاً للعام الدراسي المقبل من خلال استراتيجية وطنية للتعليم يجري تطويرها في الوقت الراهن، وهي تهدف إلى تسجيل جميع الأطفال في لبنان. وقد ارتفع عدد المدارس التي تقدم دواماً ثانياً إلى 238 في عام 2015-2016، بعد أن كان عددها 144 في العام السابق و90 في عام 2013-2014.

من جهة أخرى، تساهم المفوضية في التعليم هنا أيضاً من خلال قدرتها على التواصل مع المجتمعات المحلية وتعبئتها بشأن الالتحاق بالمدارس والبقاء فيها. وتدعم المفوضية التعليم من خلال أكثر من 100 لاجئ مدرب للقيام بدور "التعبئة على التعليم" في مجتمعاتهم المحلية.

يساعد هؤلاء على إنشاء لجان للأهل بغية تحفيز التحاق الأطفال اللاجئين بالمدارس الرسمية ودعم الطلاب في واجباتهم المدرسية في مرافق غير رسمية أو شقق مشتركة. ويدعم ذلك أيضاً جلسات المجموعات التي يكون هدفها اجتماعياً أو نفسياً أكثر، مثل جلسات المجموعة في بعلبك.

ولكن، لا يزال القطاع يواجه تحديات عدة. وتفيد العديد من المدارس أن الحضور لا يرقى في الكثير من الأحيان إلى أعداد التسجيل بسبب تنقل العائلات اللاجئة وارتفاع كلفة النقل أو القرطاسية وبسبب المسافات والصعوبات التي يواجهها الطلاب في التكيف مع النظام الجديد.

وتحتاج بعض العائلات أيضاً إلى إرسال أطفالها للعمل بغية تأمين مصاريفها، أمام زيادة ضعف ومديونية اللاجئين في جميع أنحاء البلاد. كما عانى بعض الأطفال السوريين من الصعوبات اللغوية في المنهج اللبناني، حيث يتم تدريس بعض المواد باللغة الإنكليزية أو الفرنسية.

ولمواجهة ذلك، أدخلت الحكومة وشركاؤها ما يعرف ببرامج التعلم السريع لمساعدة الأطفال الذين فوتوا أشهراً أو سنوات من التعليم على تعويض الوقت الضائع.

وقدر تقرير منفصل مشترك بين وكالات الأمم المتحدة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي، أن 255400 طفل من جميع الجنسيات ظلوا خارج المدرسة في لبنان في نهاية العام الماضي. وقد أوصى التقرير ببذل مزيد من جهود التوعية وتقديم المزيد من التمويل للوزارة لتوسيع الصفوف.

 

"أود أن ينهي الأولاد تعليمهم في سوريا يوماً ما".

 

وفي اجتماع عقد مؤخراً في  قصرنبا، في وادي البقاع، تجمع اللاجئون في خيمة تحت أشعة الشمس الحارقة لعقد اجتماع مجتمعي لمناقشة سبل منع الأطفال من ترك المدرسة والعمل. وأكد المستشارون المتطوعون مراراً على أهمية الحصول على شهادة من المدرسة اللبنانية قابلة للتعديل في المستقبل.

روى أحمد*، وهو لاجئ من الرقة، الصعوبات - المالية بشكل أساسي – التي واجهها لإبقاء طفليه اللذين يبلغ أحدهما من العمر تسعة أعوام والآخر اثني عشر عاماً، في المدرسة لفترة طويلة. وقال إنه يود تسجيلهما في المدرسة الرسمية ولكنه فوت مهلة الالتحاق للعام الحالي. وقال: "في الوقت الحالي، أساعدهما بحسب قدراتي، وأعلمهما ما أعرفه. لاحظت تحسناً لدى أولاد الجيران في المدرسة الرسمية. سيسعدني أن يتعلما في المكان نفسه وبعد ذلك، أود أن ينهي الأولاد تعليمهم في سوريا يوماً ما ".

بالعودة إلى بعلبك، قالت أميرة*، وهي متطوعة في الأربعين من عمرها، المجموعة، كيف رأى ابنها "شيئاً فظيعاً" وسط القتال في سوريا عندما كان في الثالثة من العمر فقط. وأضافت قائلةً: "هو يتكلم، ولكن ليس مثل الأطفال العاديين."

تنتظر أميرة إعادة توطينها في الخارج، متأملة الحصول على بداية جديدة ومساعدة متخصصة أكثر لابنها، لإخراجه من قوقعته.

*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية