الفقر واليأس والتعليم من أسباب تحرك اللاجئين السوريين من الدول المجاورة إلى أوروبا
يعيش حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري حالياً في البلدان المجاورة، لكن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في مناطق أبعد من ذلك، لا سيما في أوروبا.
جنيف، 25 سبتمبر/أيلول (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) - حددت المفوضية اليوم عوامل منها فقدان الأمل والظروف المعيشية المروعة كعاملين أساسيين تسببا بالارتفاع الأخير في أعداد اللاجئين السوريين في المنطقة الذي يسعون إلى اللجوء في أوروبا.
يعيش حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري حالياً في البلدان المجاورة، لكن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الأشخاص الذين يطلبون اللجوء في مناطق أبعد من ذلك، لا سيما في أوروبا.
وقال أمين عوض، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية، أن السبب الرئيسي يعود إلى فقدان الأمل بالعودة إلى الوطن والظروف المعيشية التي تزداد سوءاً في البلدان التي يعيش فيها اللاجئون السوريون حالياً.
وصرّح في مؤتمر صحفي في جنيف قائلاً: "يواجه اللاجئون ظروفاً معيشية مروعة وقيوداً في الأنظمة القانونية المتعلقة باللاجئين في البلدان التي يعيشون فيها... وعندما يعيش الأشخاص في مآوٍ غير مناسبة وعلى دخل قدره 45 سنتاً في اليوم، فمن البديهي أن يرغبوا في التحرك"، وأضاف: السوريون يغادرون البلدان المجاورة".
حتى الآن، هناك حوالي 429,000 طلب لجوء قدّمه السوريون في أوروبا منذ عام 2011، ولكن بسبب الافتقار إلى مرافق الاستقبال في أوروبا، لم يقدّم معظم القادمين الجدد طلباتهم بعد.
وقال عوض، وهو أيضاً المنسق الإقليمي للاجئين لسوريا: "يضطر اللاجئون إلى اعتماد استراتيجيات سلبية للبقاء على قيد الحياة - كعمل الأطفال وخروجهم من المدرسة والتسول والاعتماد على الجنس من أجل البقاء. إنهم يحتاجون إلى المزيد من الدعم. وتعتبر هذه المجتمعات التعليم ذا قيمة عالية وهي اليوم ترى أطفالها خارج المدرسة".
وشدّد عوض على أن الوضع لن ينتهي إلا عند إيجاد حل لسوريا واستقرار المنطقة.
وقال في مؤتمر صحفي عُقد في المقر الرئيسي للأمم المتحدة في جنيف أن "سوريا تحترق والمدن تتدمر، ولهذا السبب يتحرك الأشخاص ونواجه سيلاً من اللاجئين المتقدمين نحو أوروبا... وطالما أن الحلول غائبة في سوريا وأن الظروف لم تتحسن في البلدان المجاورة، سيواصل الأشخاص تحركهم".
ووفقاً للمراقبة المستمرة والتقييمات والدراسات ومناقشات مجموعات التركيز والتفاعل اليومي مع اللاجئين في الأردن ولبنان ومصر والعراق، حددت المفوضية سبعة عوامل رئيسية تسببت بالتدفقات الأخيرة.
فقدان الأمل
مع دخول الأزمة السورية عامها الخامس وعدم وجود أي مؤشرات على وجود حل لها، يفقد الكثير من اللاجئين الأمل. وتفاقم مشاعر الحيرة بشأن المستقبل الظروف اليائسة لتغذي الشعور باليأس والقنوط.
غلاء المعيشة/تزايد الفقر
يذكر اللاجئون في لبنان غلاء المعيشة كإحدى العوامل التي يقررون بناءً عليها ما إذا كانوا سيبقون أو يغادرون. ويقول اللاجئون في مصر بأن تسديد الإيجارات وإدارة معدلات المديونية المرتفعة وتلبية الاحتياجات الأساسية تزداد صعوبة. وفي الأردن، فإن عدم قدرة الأشخاص على إعالة أسرهم كان هو السبب الأكثر شيوعاً الذي ذكره اللاجئون الذين يعرفون أشخاصاً غادروا البلاد.
واعتُبر التأثير التراكمي لأربعة أعوام في المنفى وتقييد الحصول على وظائف قانونية ضاراً أيضاً. وفي حالات عديدة، تم استنزاف المدخرات منذ وقت طويل وبيعت الممتلكات الثمينة ويعيش لاجئون كثيرون في المنطقة في ظروف يائسة ويصارعون لتسديد الإيجار وإعالة أسرهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
فرص محدودة لكسب العيش
يكافح لاجئون عديدون ممن لا يستطيعون العمل لكسب العيش. وقد ذُكر نقص فرص كسب العيش أو الوصول إلى سوق العمل الرسمي كمشكلة من قبل اللاجئين في لبنان ومصر والأردن. ويقول اللاجئون السوريون في العراق أن العدد الكبير للأشخاص النازحين داخلياً زاد المنافسة على الوظائف في منطقة كردستان العراق. وفي هذه الأثناء تراجع العمل في مواقع البناء في المنطقة مع انخفاض أسعار النفط.
ويدفع عدم الحصول على العمل القانوني اللاجئين الذين يصارعون يائسين لإعالة أنفسهم إلى اللجوء إلى الوظائف غير الرسمية - مخاطرين بالتعرض للاستغلال والعمل في ظروف غير آمنة أو عدم قبض رواتبهم من أرباب عمل مجردين من الضمير. ويواجه بعض اللاجئين العقوبات، في حال تم اكتشاف عملهم بصورة غير شرعية، فيعادون إلى المخيم مثلاً كما يحدث في الأردن. وبموجب الأنظمة الجديدة في لبنان، يتعين على اللاجئين توقيع تعهد بعدم العمل عند تجديد إقامتهم.
تراجع المساعدات
تواجه برامج المساعدة للاجئين والمجتمعات المضيفة في المنطقة نقصاً دائماً في التمويل. فخطة الاستجابة الإقليمية لدعم اللاجئين وتمكين المجتمعات المستضيفة لهم الحالية لعام 2015 ممولة بنسبة 41% فقط الأمر الذي تسبب بتخفيض المساعدات الغذائية لآلاف اللاجئين، بينما يتعين على من يحصلون عليها العيش على دخل مقداره 0.45-0.50 دولاراً أميركياً في اليوم. وقال لاجئون عديدون في الأردن للمفوضية أن تخفيض المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي كانت العامل الأخير الذي دفعهم إلى اتخاذ قرار بمغادرة البلاد. ولا يحصل عشرات الآلاف على فرصة الحصول على المساعدات النقدية فيغرقون في الديون. نتيجةً لذلك، يلجأ الناس إلى استراتيجيات تعامل سلبية - بما في ذلك التسول وعمالة الأطفال والمديونية. وذكر اللاجئون في العراق والأردن ولبنان ومصر تراجع المساعدات الإنسانية كسبب لليأس وكعامل دافع للتحركات إلى مناطق أخرى.
وفي الأردن، تسبب عجز التمويل بعدم تمكن اللاجئين من الوصول المجاني إلى الرعاية الصحية. نتيجةً لذلك، يعيش 58.3 في المئة من البالغين الذين يعانون من أمراض مزمنة دون أدوية أو خدمات صحية، وقد ارتفعت هذه النسبة من 23 في المئة في العام 2014. وثمة أيضاً تراجع واضح في إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الشفائية والوقائية.
صعوبات تجديد الإقامة القانونية
في لبنان، صعبت الأنظمة الجديدة المتعلقة باللاجئين السوريين على السوريين الحصول على اللجوء وأدت إلى ارتفاع عدد السوريين العابرين من لبنان إلى تركيا. ويتعين على اللاجئين المتواجدين في البلاد دفع مبلغ 200 دولار أميركي سنوياً لتجديد إقامتهم كما يتعين عليهم توقيع تعهد بعدم العمل وتقديم عقد إيجار مصدق. ويخشى لاجئون عديدون من التوقيف أو الاحتجاز ويشعرون بالضعف بسبب تأشيرات الإقامة المنتهية الصلاحية.
وفي الأردن، تطرح عملية تحقق خاصة باللاجئين الحضريين أطلقتها السلطات في فبراير/شباط بهدف ضمان حصول جميع السوريين المقيمين خارج المخيمات على مستند هوية جديد للاستفادة من الخدمات، عدداً من التحديات. وقد تشكل تكلفة الحصول على شهادة صحية (30 ديناراً أردنياً/42 دولاراً أميركياً لمن تتخطى أعمارهم 12 عاماً) كجزء من هذه العملية عاملاً مانعاً.
ندرة فرص التعليم
ذُكرت فرص التعليم المحدودة كمشكلة بالنسبة إلى اللاجئين في الأردن ومصر ولبنان والعراق. ويُعتبر التعليم ذا قيمة كبيرة بالنسبة إلى السوريين الذين كانوا يحصلون عليه مجاناً في بلادهم قبل الحرب. وللظروف التي تزداد صعوبة والتي يواجهها اللاجئون في المنفى تأثير مدمر على تعليمهم. ففي الأردن، يترك حوالي 20 في المئة من الأطفال المدرسة للعمل وفي بعض الحالات، تُجبر الفتيات على الزواج المبكر. ولا يحصل حوالي 90,000 سوري في سنّ الدراسة على التعليم الرسمي، ويحصل 30,000 شخص من هؤلاء على التعليم غير الرسمي فيما يفوت الباقون تعليمهم.
وفي لبنان، حيث التعليم مجاني للسوريين بموجب نظام بدوامين، يعاني الكثير من الأطفال للحضور أو يجدون صعوبة في المنهاج الجديد ويعملون في الوقت نفسه لإعالة أسرهم. وفي حين أن وزارة التعليم رفعت بنسبة 100% عدد الأماكن المخصصة للأطفال السوريين (أي 200,000 مكان للعام الدراسي 2015/2016) لن يتمكن 200,000 طفل سوري أخر من الذهاب إلى المدرسة هذا العام.
وفي أنحاء المنطقة، يفوت الشباب السوريون التعليم العالي ويفقدون بذلك أملهم بالمستقبل.
الشعور بعدم الأمان في العراق
قال غالبية النازحين العراقيين الذين تكلمت معهم المفوضية والذين كانوا متجهين إلى خارج العراق بأنهم لا يشعرون بالأمان في البلاد. وقال أشخاص عديدون من الأقليات للمفوضية بأنهم يرون في الهجرة مفتاحاً لأمنهم.