الركود يضر بمدارس اللاجئين في إقليم كردستان العراق

لم يتلقَ المعلمون أجورهم منذ أشهر في مخيمات اللاجئين في منطقة الحكم الذاتي الوحيدة في العراق، مما يهدد تعليم الأطفال النازحين.

أطفال في طريقهم إلى المدرسة في مخيم كاوركوسك للاجئين في محافظة اربيل، إقليم كردستان العراق.  © UNHCR/C.Coves

كاوركوسك، إقليم كردستان العراق، 8 أبريل/نيسان (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- تحدٍّ كبير يواجهه هذا الصف، فأعداد الطلاب مرتفعة، وأجور المعلمين لم تُدفع منذ أشهر، لكنَّ نائب المدير محمد زكي يرفض التخلي عن الأمل.

في المدرسة الابتدائية في مخيم كاورغوسك للاجئين، في إقليم كردستان العراق التي تضم 1700 تلميذاً، يقول زكي: "هؤلاء الأطفال مستقبلنا، ولا يمكننا أن نخذلهم".

منذ العام 2012، والمنطقة التي يساوي حجمها مساحة سويسرا، وهي منطقة الحكم الذاتي الوحيدة في العراق، استضافت ربع مليون لاجئ سوري وأكثر من مليون عراقي من النازحين داخلياً.

والطفرة الاقتصادية التي استمرت عشرة أعوام انتهت منذ عامين عندما قطعت بغداد التمويل عن الأكراد بعد أن بنوا خطوط أنابيب النفط الخاصة بهم إلى تركيا، وبدأوا بتصدير النفط بشكل مستقل. ومع انهيار أسعار النفط الخام، يعاني إقليم كردستان العراق حالياً من أزمة اقتصادية.

وقد قطعت السلطات رواتب العاملين في الدولة في الأشهر الأخيرة. وكانت المدارس الأكثر تضرراً مثل المدرسة التي يعلم فيها زكي وموظفوه الذين لم تدفع الحكومة رواتبهم منذ سبتمبر/أيلول.

المعلمون، وكثر منهم من اللاجئين السوريين، يواجهون خياراً صعباً بين الاستمرار في العمل دون أجر في 72 مدرسة في تسعة مخيمات للاجئين وعشرات المواقع خارج المخيمات في المنطقة، مما يعرض أسرهم لخطر مالي، وبين المغادرة، ما يضع تعليم طلابهم في خطر.

وقد غادر حوالي 15 في المئة من المعلمين في المدارس الابتدائية، وكانوا غير قادرين على الاستمرار من دون أجر. وفي مخيمات أُخرى، أشارت التقارير إلى أن ما يصل إلى ثلث المعلمين اضطروا إلى مغادرة عملهم والبعض الآخر يعمل أياماً قليلة في الأسبوع، لكنّ زكي لا يزال مصراً على الاستمرار.

قال بأنهم سيواصلون ما بدأوه، سواء تلقوا أجورهم أم لا، على الرغم من أنه اعترف أن الأزمة خلّفت ضرراً كبيراً. "نشعر كأننا قطع خشب في البحر، تضربنا الأمواج ولا نستطيع أن نسيطر على الوضع".

زين (وسط) طفل عراقي نازح وعمره ثمانية أعوام مع اثنين من أصدقائه المقربين، ديار ورحمن، وهما لاجئان سوريان في طريقهم إلى المدرسة.  © UNHCR/M.Prendergast

وتشعر المفوضية التي تعترف بأهمية التعليم النظامي في حياة الشباب الذين طردتهم الحرب من ديارهم، بالقلق إزاء هذا الوضع. وقد فر حوالي 2.8 مليون من هؤلاء من الصراع السوري وحده.

وقال جوزف مركس، منسق المفوضية في منطقة الحكم الذاتي، بأن ضمان بقاء الأطفال مسجلين في التعليم الرسمي مهم لتجنب آليات المواجهة السلبية، مثل الزواج المبكر وعمالة الأطفال. وأضاف: "إن هؤلاء الأطفال يفقدون طفولتهم بسبب النزوح، ويجب أن نتأكد أنهم لن يخسروا مرحلة البلوغ بسبب النقص في التعليم".

وبسبب انخفاض أعداد المعلمين، اكتظت الصفوف وجرى "حشر" المزيد من الدروس في وقت أقصر. كما تعطل أسبوع التعليم، حيث يمضي الأطفال ساعات أطول في المدرسة في بعض الأيام، فيما تنعدم الصفوف في أيام أُخرى. وقد أدت كل العوامل إلى انخفاض معدلات الالتحاق بالمدارس وارتفاع معدلات التسرب بين أطفال اللاجئين.

وعلى الرغم من التحديات، هناك بعض الأسباب التي تدفع إلى الأمل. فعلى الرغم من أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى التنافس بين السكان المحليين واللاجئين السوريين والنازحين العراقيين على عدد الوظائف المنخفض، إلا أن الأطفال في المدارس يركزون فقط على الاستمرار.

وبين التلامذة، هنالك 30 طفلاً عراقياً من النازحين داخلياً الذين يعيش أهلهم في منطقة كاوركوسك القريبة. وفي دردشة في الملعب، قال زين ورونق النازحان العراقيان وطالبا الصف الثالث، وهما من سامراء في وسط العراق، بأنهما لم يلتقيا سورياً قط قبل أن يلتحقا بالمدرسة في سبتمبر/أيلول، وأفضل أصدقائهم اليوم سوريون. والخلاف الوحيد بين زين وأصدقائه الجدد يدور حول أي فريق كرة قدم هو الأفضل- برشلونة أم ريال مدريد.

رونق وصديقتها المفضلة رجاء السورية، لا تواجهان مشاكل من هذا النوع- "كرة القدم سخيفة". بعد أن تخوفوا بدايةً من الالتحاق بالمدرسة، تأقلم الأطفال سريعاً. وكما قال زين: "الأطفال السوريون مثلنا تماماً". يمكن للعالم أن يتعلم الكثير من حكمة ابن الثمانية أعوام.

بقلم مايكل برندرغاست، العراق