وجودنا يحميهم .. جانب من مهام المفوضية على الحدود الصربية الكرواتية
قصص أخبارية, 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2015
في بعض الأحيان يكون وجودك كافياً. فهذا ما يسمّونه الحماية من خلال الوجود. وهكذا يُدخل الناطقون باللغتَيْن العربية والفارسية والذين يرتدون السترات الزرقاء التابعة للمفوضية الطمأنينة إلى قلوب آلاف اللاجئين الذين يشرعون بهذه الرحلة الطويلة والغامضة عبر أوروبا.
تحت الأمطار الغزيرة، وبينما تنتظر كلّ مجموعة دورها للعبور من صربيا إلى كرواتيا، يعمل موظفو المفوضية على لمّ شمل الأسر المشتّتة أو توجيه الأكثر ضعفاً للحصول على الدعم الذي يحتاجون إليه. كما أنهم يسألون الأشخاص عن أحوالهم ويتبادلون معهم المزاح ويسمعون قصصاً عن الرحلات التي قاموا بها وعن مخاوفهم وآمالهم.
يقدّمون أيضاً المعلومات. فالمعلومات ضرورية للغاية في هذه الأماكن غير المألوفة بالنسبة إلى الأشخاص الفارّين من الكثير من الحروب. وفي ظلّ غياب التغطية اللازمة للهواتف الخلوية ونفاد بطاريات هواتفهم النقالة من الشحن، تكون بعض الكلمات المألوفة شريان حياة بالنسبة إلى اللاجئين: معرفتهم بأنّهم في مكان آمن حالياً، وأنّه ثمة نظام يلبّي احتياجاتهم.
كانت هناء زعبلاوي لاجئةً خلال حرب الخليج الأولى، وهي مواطنة سورية – فلسطينية كانت تعيش في الكويت، وقد فرّت بعد أن غزت الدبابات العراقية الكويت. عادت إلى سوريا حيث أقامت هناك وتلقت التعليم وهي لا تزال حتى الآن تزورها مرات عدة سنوياً لرؤية عائلتها في دمشق، وتقول: "لقد ذهبتُ إلى هناك. أنا أفهم شعور الشكّ والخوف الذي ينتابهم".
لكنّها حالياً في وضع مختلف تماماً، فهي مسؤولة حماية لدى المفوضية وترتدي معطفاً واقياً من المطر أزرق اللون وبعض الملابس الحرارية الجديدة، تعمل يومياً بالتناوب لمدّة ثماني ساعات (اليوم من الرابعة بعد الظهر ولغاية منتصف الليل) وتبعث الأمل في قلوب أشخاص ليس لديهم أي فكرة عما ينتظرهم.
وتقول هناء: "لقد مضى على عملي مع المفوضية 20 عاماً حتّى الآن، وهذه المرة الأولى التي أصادف فيها الكثير من اللاجئين الذين يخبروننا عن مدى أهميتنا بالنسبة إليهم حيث يقولون لنا: "نحن سعداء جدّاً لرؤيتكم. الأمر يفوق المياه أو البسكويت". وأضافت: "عندما يروننا، يشعرون بالأمان. ويشعرون بأنّهم محميون لأنّهم يواجهون المجهول. وهم يشعرون بذلك لأنّ المفوضية تتنشر بينهم".
هذه عملية تقودها كرواتيا هنا وتدعم المفوضية الحكومة في استجابتها. ويقود الصليب الأحمر عملية لمّ شمل الأسر كما تنتشر فرق المتطوعين من جميع أنحاء البلدان الأوروبية القريبة ليرحّبوا باللاجئين ويقدّموا الملابس لهم وبعض المقلوبة الساخنة وهي طبق شرق أوسطي.
إلّا أنّ وجودنا المستمر هو ما يساعدهم أكثر. تقول هناء: "يقولون لنا لا تتركونا؛ لقد استقبلتمونا في اليونان وانتظرتمونا على الحدود وكنتم معنا على طول الطريق".
التقينا بآلاء ومحمد من درعا، تلك البلدة التي انطلقت منها شرارة الحرب السورية. وأخبرانا تحت المطر كيف أنّهما تزوجا مؤخراً واحتفلا بزواجهما على متن السفينة الآتية من ساموس. وقبل ذلك التقينا بأبّ مع طفل يبكي. وقد عثرنا على والدته واصطحبناهم إلى خيمة للمفوضية وقدّمنا لهم البطانيات.
فُتحت الأبواب ومرّت مجموعة جديدة من اللاجئين الذين يغطّون أحذيتهم بأكياس بلاستيكية تابعة للمفوضية ويحملون أكواباً من الشاي حصلوا عليها من وحدة سويسرية على جانب الطريق.
لا يبدو أنهم يكترثون بالمطر. ويقول طه ملّود من سرغايا بريف دمشق: "المياه جيدة! ولا تؤثر علينا. فقد فررنا من الحرب وآخر ما يهمّنا هو المطر. هذا الطقس مماثل تقريباً للطقس في سوريا".
وقد عانى موظفو الأمم المتحدة والشرطة ومتطوعو الصليب الأحمر أيضاً من تغير أحوال الطقس. ولكنّ هناء تصرّ على أنّه ليس لديها أي مشكلة مع هذا الأمر، وتقول: "أنا بحالة جيدة جدّاً لاسيما اليوم. فأنا مجهزة جيداً. وقد ذهبت للتسوق واشتريتُ بعض السراويل الحرارية. ولا بدّ لي من القول بأنّ هذا الأمر يُحدث فرقاً كبيراً".
Tweets by @UNHCR_Arabic