المفوضية تحثّ على إعادة النظر في التمويل العالمي للنشاط الإنساني مع بلوغ معدلات النزوح مستوىً قياسياً
قصص أخبارية, 30 سبتمبر/ أيلول 2014
جنيف، ٣۰ سبتمبر/أيلول ۲٠۱٤ (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين)- حذّر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس اليوم من أنّ النظام الإنساني العالمي أصبح مثقلاً، بما ينذر بالخطر، بالأزمات الجديدة في الشرق الأوسط وإفريقيا، وبالنزاعات المستمرة التي لم يتم التوصل إلى حل لها في أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وأماكن أخرى.
وفي تقييم صريح للغاية، قال غوتيريس خلال الاجتماع السنوي للجنة التنفيذية للمفوضية، والذي عُقد في جنيف، إنّ ارتفاع تمويل النشاط الإنساني على مستوى العالم- والذي بلغ مستوىً قياسياً في عام 2013 ألا وهو 22 مليارَ دولار أميركي- لم يعد يلبّي الاحتياجات المتزايدة بشكل متسارع الأمر الذي يستدعي إعادة التفكير ملياً بتمويل النشاط الإنساني والتمويل الإنمائي على حد سواء.
وقال غوتيريس: "بالإضافة إلى الأزمة المستمرة في سوريا، تسببت الصراعات الجديدة في جمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأوكرانيا ومؤخراً في العراق، بمعاناة رهيبة ومعدلات نزوح هائلة. وقد سارع المجتمع الإنساني الدولي للاستجابة لهذه الاحتياجات. ولكنّنا مع كلّ أزمة جديدة، نقترب من الحد الأقصى لإمكانياتنا، ومن الواضح أنّنا لم نعد قادرين على القيام بما يكفي".
شهد هذا العام منذ بدايته ارتفاعاً كبيراً ومستمراً في معدّلات النزوح الجماعي جرّاء الحروب والصراعات. وفي يونيو/حزيران، أعلنت المفوضية أنّ عدد النازحين قسراً حول العالم بلغ 51.2 مليون نازحٍ، وهو مستوى غير مسبوق في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وخلال الأشهر الاثني عشر الماضية، واجهت المفوضية وشركاؤها خمس أزمات إنسانية كبرى تُعرف بحالات الطوارئ من المستوى الثالث في منظومة الأمم المتحدة؛ الأمر الذي استدعى، -ومن بين أمور أخرى- نشر 670 عاملاً جديداً للحالات الطارئة، والنشر العاجل لمئات الأشخاص الإضافيين لتقديم المساعدة، فضلاً عن تغيير مواقع العاملين على نطاق واسع بين العمليات القائمة والمستجدّة.
وأثنى غوتيريس على الشعوب والدول النامية المتاخمة لمناطق الحرب، كونها تستمر في استقبال 9 من كل 10 لاجئين في العالم تقريباً، وتؤمن لهم الحماية، كما شكر الجهات المانحة الخاصة والحكومية لما تقدمه من دعم للمفوضية وقضيتها- بمبلغٍ قدره 2.9 مليار دولار أميركي في العام 2013. وقال إن المفوضية كانت تعمل على تعزيز تعاونها مع شركائها من وكالات الأمم المتحدّة والمنظمات غير الحكومية ومع جهات فاعلة في مجال التنمية.
وأضاف: "إنّ الوضع في سوريا على وجه التحديد يؤكّد على الحاجة الملحة إلى تعديل الطريقة التي نعمل معاً على أساسها. فالاحتياجات الهائلة التي نتجت عنها تفوق حجم الموارد والخبرات والقدرات التي تتمتع بها الجهات الفاعلة في المجال الإنساني. آمل أن تُطبق الدروس التي نتعلّمها اليوم في الشرق الأوسط على أزمات أخرى، وأن تتيح الربط المبكر ما بين أعمال الإغاثة والتنمية في أي عملية استجابة للنزوح القسري".
وتناول غوتيريس أيضاً النمو والتحديات التي ستواجهها المفوضية في العام المقبل. تصادف في العام 2014 الذكرى الستين لتوقيع اتفاقية العام 1954 المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية. وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، تعتزم المفوضية إطلاق حملة عالمية تهدف إلى القضاء على انعدام الجنسية في غضون 10 أعوام.
ونظراً لأنّ عشرات آلاف الأشخاص يفرون اليوم في قوارب- عن طريق البحر الأبيض المتوسط وخليج البنغال وخليج عدن وسواها- أصبح تعزيز الحماية في البحر أولويةً ملحةً. وقال غوتيريس إنّه ما زال يتعين القيام بالكثير لمساعدة نصف اللاجئين في العالم ممن هم دون الثامنة عشرة من عمرهم. وقال أيضاً إن المفوضية ستتابع تعزيز التدابير للتصدّي للعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس، كما أنها ستستمر في السعي للحصول على المزيد من الدعم من الدول لإيجاد منازل دائمة للاجئين لكي يتمكّنوا من مواصلة حياتهم بصورة أفضل.
وقال غوتيريس: "شهدت السنوات القليلة الماضية اندلاع صراعات جديدة أو تصاعداً في الصراعات القائمة في عددٍ لا يحصى من الأماكن، كما أن توقع هذه الأزمات التي تزداد ترابطاً بات أكثر صعوبة"، وأضاف أنّ النزوح بات، أكثر من ذي قبل، ينتج عن عوامل كالنمو السكاني والتحضر والفقر والتغير المناخي.
وأشار إلى أنه "من المرجح جدّاً أن يؤدي كلّ ذلك إلى ازديادٍ هائل في الاحتياجات الإنسانية في السنوات القادمة؛ الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في مدى ملاءمة الموارد المتوفرة للاستجابة الإنسانية واستدامتها. فاليوم، ومع الارتفاع المطرد للاحتياجات الذي شهدناه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أصبح نظام التمويل الإنساني مفلساً تقريباً."
وناشد غوتيريس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التعاون بشكل وثيق من أجل التغلب على الخلافات والتناقضات الكامنة وراء الكثير من الصراعات حول العالم. وأنهى خطابه بملاحظة شخصية: "ما زلت أشعر بصدمة كبيرة تجاه اللامبالاة التي يظهرها أولئك الذين يتحمّلون المسؤولية السياسية عن تهجير ملايين الأشخاص من منازلهم".
"يقبلون النزوح القسري وآثاره الهائلة على الأفراد والبلدان والمجتمعات والمناطق بأسرها، ويعتبرونه بمثابة ضرر تبعي طبيعي ناتج عن الحروب التي يقودونها. هم واثقون من أنّ المنظمات الإنسانية ستأتي لتصلح ما خرّبوه. ولكنني، سأكون واضحاً جدّاً: نحن كعاملين في المجال الإنساني لم نعد قادرين على إصلاح هذه الفوضى. وبالدرجة الأولى، يتعين أن يمنع أحد ما حدوثها."
Tweets by @UNHCR_Arabic