مديرة مدرسة من جمهورية إفريقيا الوسطى تلجأ إلى الكاميرون لتعمل في الحقول
قصص أخبارية, 14 أغسطس/ آب 2015
ميغانغا، الكاميرون، 14 أغسطس/آب (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) – يكسر طنين مكبرات الصوت الصادر من مسجد قريب سكون ليلة حالكة الظلام. ويظهر ظل من المقصورة. فتغلق الباب خلفها وتضع يديها في وزرتها. إنها الساعة 4.30 فجراً والبرد قارس.
لقد بدأت فيلومين عيسى، البالغة من العمر 50 عاماً، نهارها للتو. وتشرح بالفرنسية الممزوجة بالسانغوية، وهي لغتها الأم، قائلةً: "إنني ذاهبة إلى الحقول لزرع غراس الأشجار".
وحالها حال الكثيرين ممن فروا من سفك الدماء في جمهورية إفريقيا الوسطى، توجب على مديرة روضة الأطفال سابقاً إعادة بناء حياتها منذ فرارها إلى الكاميرون قبل عام من الآن. وتعيش على أطراف مدينة ميغانغا التي تضم 70,000 نسمة في شرق الكاميرون، ولا تعرف إلا القليل من الناس وغالباً ما تتدبر أمورها بمفردها.
وقالت وهي تأمل في كسب المزيد لتتمكن من دفع الإيجار: "أكسب يومياً بين 500 و750 فرنكاً إفريقياً (0.75 إلى 1.10 يورو). لدي 2,000 فرنك لكنني أدين لصاحب العقار بـ3,000".
تعتبر فيلومين واحدة من بين أكثر من 131,000 لاجئ من جمهورية إفريقيا الوسطى ممن بحثوا عن الأمان في الكاميرون منذ اندلاع القتال في بلادهم في ديسمبر/كانون الأول 2013. وقد أجهد التدفق المجتمعات المضيفة ووكالات الإغاثة على حد سواء، إلا أن تمويل المساعدات الإنسانية بالكاد ناهز 18 في المئة من أصل 145 مليون دولار أميركي، وهي قيمة المبلغ المطلوب لهذا العام. ونتيجةً لذلك، توجب على المفوضية وشركائها اتخاذ قرارات صعبة. وصرح جوزيه كاتوندا وهو مدير المكتب الإقليمي للمفوضية في أدماوا قائلاً: "أُعطيت الأولوية لإنقاذ حياة الناس".
تقوم المفوضية بتسجيل اللاجئين وتقديم المساعدة لنقلهم بأمان بعيداً عن الحدود المضطربة؛ وغالبيتهم إلى مخيمات تتوفر فيها المساعدة الإنسانية. ويساعد هذا النهج المركّز في مضاعفة أثر المساعدة ولكنه يصعّب أيضاً الوصول إلى الأشخاص الذين اختاروا الاستقرار في المدن والقرى الممتدة على طول الحدود كفيلومين. ويعيش نصف اللاجئين من جمهورية إفريقيا الوسطى في الكاميرون في مخيمات مرتبطة بقرى محلية بهدف تحقيق اندماج أفضل، ويحصلون هناك على المأوى والرعاية الصحية المجانية وعلى معونات غذائية شهرية.
لكن النصف الآخر استقر في البلدات والقرى في المنطقة الشرقية وفي أدماوا. اختار بعضهم ذلك معتبراً أنها طريقة كريمة للعيش خارج الوطن. وتوجه آخرون كفيلومين إلى هذه المناطق بسبب افتقارهم إلى المعلومات حول المخيمات. وينتشر هؤلاء اللاجئون الذين يعيشون خارج المخيمات في أكثر من 300 موقع مختلف، بعضها بعيد جداً حيث لا يمكن توفير الإغاثة الدولية على الدوام. وقال كاتوندا: "نظراً لمحدودية الموارد، توجب علينا التركيز في عملنا على أنشطة الحماية كتسجيل اللاجئين والتوثيق".
تشجع المفوضية حالياً اللاجئين على الاستقرار في القرى المحلية بدلاً من المخيمات أو المواقع حيث قد يؤدي الاكتظاظ إلى تفاقم التوتر الاجتماعي. ولتسهيل اندماجهم ومساعدتهم في الاعتماد أكثر على أنفسهم، يحصل هؤلاء اللاجئون على قروض صغيرة تسمح لهم ببدء أنشطة تجارية – لا سيما أولئك الذين يعيشون في أماكن بعيدة والضعفاء كفيلومين.
وأضاف كاتوندا قائلاً إن المفوضية توفر أيضاً "المساعدة على شكل لوازم منزلية ومياه للشرب وطعام" والتي غالباً ما يفتقرون إليها، وهذه أخبار سارة لفيلومين.
تمكنت من تدبر أمرها بمفردها ووجدت عملاً محدوداً كعاملة يومية لدى رجل من الكاميرون تهتم بقطف وزرع الزوم وهو نوع من الخضار المحلية، فالعمل هو خيارها الوحيد للبقاء على قيد الحياة. وقالت: "إن لم أعمل وبقيت في المنزل، فمن سيقدم لي المال الكافي لأعيش؟"
تشتاق فيلومين إلى أبنائها الثلاثة. وقد تمتمت قائلةً إنهم "يتابعون دراستهم في الجامعة في بانغي. ولم تصلني أخبارهم منذ عام. أنا وحيدة هنا ولست مرتاحة لذلك". عندما اندلع الصراع، هاجمت المجتمعات العرقية-الدينية بعضها البعض. وقامت إحدى ميليشيات سيلكيا سابقاً بإحراق منزلها وقتل الكثير من جيرانها.
وتقول: "لم أعرف حتى اليوم ما إذا كان أشقائي قد توفوا أو ما زالوا على قيد الحياة". لم تتمكن من الاحتفاظ سوى بوزرتين وبنسخة عن الإنجيل وقد خبأت فيه صورة قديمة لمنزلها. واليوم، تجد فيلومين العزاء في التأمل وتذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد.
وعلى الرغم من العنف، لا تشعر فيلومين بالحقد على المعتدين عليها، وتقول: "المسلمون في إفريقيا الوسطى ينتمون إلى إفريقيا الوسطى. فهم أيضاً يعانون ويريدون العودة إلى منازلهم". ودعت المجتمع الدولي إلى إعادة السلام إلى بلدها، وقالت: "هناك أمر واحد مؤكد وهو أنني سأصوت في الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2015 كمساهمة مني لاستعادة السلام".
بقلم باتيست دو كازينوف في ميغانغا، الكاميرون
Tweets by @UNHCR_Arabic