• حجم النص  | | |

انظروا من الذي يأتي إلى أوروبا

مقالات المفوض السامي, 16 يونيو/ حزيران 2011

أذكر بوضوح مشاعر الحرية المثيرة والوعد الذي تحقق نتيجة لـ"ثورة القرنفل" في موطني البرتغال عام 1974. كنت في الـ25 من عمري. خمسة عقود من الديكتاتورية قادتنا الى العجز الاقتصادي وإلى حروب إستعمارية مكلفة ولا يمكن الدفاع عنها. وفجأة صار هناك ديمقراطية، أو على الأقل احتمال معقول لذلك، جنبا إلى جنب مع إثراء إمكانية حصول المزيد من الاندماج مع أوروبا.

لم يكن نجاح الثورة البرتغالية أمراً حتمياً، فقد كانت هناك فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاجتماعي والخلل الاقتصادي، بل وكانت هناك جهود لخطف الثورة وجر البلاد إلى مسار مناهض للديمقراطية.

إن الدعم السياسي والمالي الهائل الذي تم تقديمه للبرتغال من قبل الدول الغربية، ولا سيما في أوروبا، إضافة إلى الحشد من جانب قادة أمثال مستشار المانيا الغربية هيلموت شميدت ورئيس الوزراء السويدي أولوف بالمه كان ضرورياً للبرتغال للتغلب على هذه التحديات والنجاح في بناء ديمقراطية حديثة.

وكما البرتغال في سبعينات القرن الماضي وأوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين في عام 1989 ، تشهد اليوم شمال أفريقيا تغيراً تاريخياً. وقد تم الإشادة بالثورتين في تونس ومصر نتيجة لإمكانات التحول التي يمثلونها. ولكن استجابة أوروبا هذه المرة كانت هزيلة وعلى مضض. فمعظم النقاش لم يكن يدور حول كيفية دعم الديمقراطية، ولكن حول كيفية إبعاد أولئك الذين يعرضون حياتهم للخطر بعبورهم البحر المتوسط على متن قوارب.

إن التحولات الديمقراطية في تونس ومصر حاسمة في تحقيق المثل العليا للديمقراطية والازدهار على المدى الطويل في المنطقة، إضافة للسلام والأمن العالميين. إنها أسباب كافية من أجل توفير نفس النوع من الدعم لتونس ومصر الذي استفادت منه البرتغال بعد ثورتها، ولكن هناك أكثر من ذلك.

لقد حصلت تونس ومصر على الأغلبية الساحقة من قرابة 740,000 شخص من الذين غادروا ليبيا منذ بدء الازمة في هذا البلد في شهر فبراير. وقد فعلوا ذلك بطريقة سخية جدا فقد فتحوا لهم حدودهم وبيوتهم وقلوبهم. وخلال زياراتي المتكررة إلى الحدود التونسية، فقد تأثرت برؤية الأسر المحلية الفقيرة وهي تتقاسم ما لديها من القليل مع القادمين الجدد.

في البداية ، كان معظم من غادر ليبيا من العمال المهاجرين تم إعادة معظمهم إلى بلدانهم الأصلية من قبل حكوماتهم، أو من خلال عملية الإجلاء الإنسانية الضخمة التي تمت بالاشتراك بين منظمتي، مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة.

ومع ذلك، فإن هناك نسبة كبيرة من أولئك الذين غادروا ليبيا لا يمكنهم العودة إلى بلدانهم الأصلية. هؤلاء هم لاجئون حقيقيون ويشملون بالطبع الكثير من الليبيين، ولكن هناك أيضا الصوماليين والاريتريين وغيرهم من المقيمين في ليبيا. تحتاج تونس ومصر إلى دعم أوروبا لأنها تتعامل مع احتياجات الحماية الدولية الحاسمة لهؤلاء الناس.

وفي ضوء اعتماد نظام القذافي على المرتزقة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فقد كنا قلقين بشكل خاص بشأن سلامة اللاجئين من هذه المنطقة الذين تعرضوا للذم بسبب انتمائهم لبلدان أولئك المرتزقة. تخيلوا مدى الصدمة بالنسبة للاجئ صومالي كان قد لجأ من جراء الحرب ليجبر بعد ذلك على الفرار مرة أخرى، مع عدم وجود احتمال واقعي للعودة إلى الديار.

حتى الآن وعلى حد قول الدول الأوربية فقد احترمت الدول التزاماتها بعدم إعادة اللاجئين من ليبيا الى بلادهم رغما عنهم. ولكن هناك حوالي اثنين في المئة فقط مما يقرب من مليون شخص والذين غادروا ليبيا منذ بدء الازمة قد قدموا فعلا إلى أوروبا. ويعود جزء من السبب وراء ذلك لكون الرحلة خطرة للغاية، إذ لا أحد يعرف على وجه اليقين كم عدد الذين غرقوا إلى الآن، ولكننا نقدر عدد الذين لقوا حتفهم حتى الآن بما يقرب من 1500 شخص.

إن اللاجئين الفارين من الصراع والاضطهاد في ليبيا يشكلون نسبة متزايدة من الأشخاص الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، الى ايطاليا ومالطا على وجه الخصوص. لقد حلوا إلى حد كبير محل المهاجرين التونسيين والذين كان معظمهم من الشباب والذكور ممن شكلوا الدفعة الاولى من المسافرين، والذين سعوا للاستفادة من حريتهم المفاجئة للبحث عن آفاق أكثر إشراقا في أوروبا.

هذا أمر مفهوم. ويمكن القول أن "أفضل ما يخدم المصلحة الذاتية الأوربية هو عن طريق السماح لهم بالبقاء نظرا للحاجة للعمال المهاجرين في أوروبا والتحويلات المالية التي يقوم بها المهاجرون لأسرهم لتعزيز اقتصادات بلدانهم.

للدول الأوروبية الحق في تحديد سياسات الهجرة وإدارة حدودها بطريقة مسؤولة، شريطة أن تقوم بذلك بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، أي فيما يتعلق باللاجئين. وهذا أمر مهم جدا نظراً لأن طبيعة التحركات تتغير لتكون تحركات مؤلفة من اللاجئين أكثر مما تكون مؤلفة من المهاجرين.

ما زال يحدوني الأمل في أن تسترشد أوروبا بمصلحتها الذاتية المستنيرة وليس بمصالح ضيقة قصيرة الأجل، مدفوعة بالخوف أو الشعوبية. إذا فشل الوضع في ليبيا بالتحسن، فسوف يكون هناك المزيد من اللاجئين، وسوف يستمر معظمهم بالذهاب إلى تونس ومصر عن طريق البر وإلى دول أخرى مجاورة لليبيا. وإنني مقتنع بأن التقبل والسخاء اللافت لهذه البلدان لن يتضاءل. إن حماية الأشخاص الذين هم بحاجة هو العنصر المركزي في التقاليد العربية والإسلامية.

وبالنسبة لأولئك الفارين بحرا إلى الدول الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبي يمتلك أدوات قانونية ومالية محددة لضمان استقبال الأشخاص الذين يلتمسون اللجوء بطريقة كريمة وإنسانية، في ظل احترام كامل لحقوقهم.

ويمكن للبلدان في أوروبا وأماكن أخرى أن تتجاوز التزاماتها القانونية لحماية أولئك الفارين من ليبيا من خلال دعم المبادرة الشاملة لمفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين لإعادة التوطين. وهذا يوفر للاجئين، خاصة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فرصة للانتقال من تونس ومصر لدول ثالثة في العالم المتقدم.

وسوف يقاس التزام أوروبا بنجاح التحول الديمقراطي في شمال أفريقيا أولا وقبل كل شيء باستعدادها للاستثمار بشكل مجد في اقتصادات ومؤسسات بلدان "الربيع العربي"، ولكن أيضا بالإنسانية التي تبديها تجاه أولئك الذين أحدث نضالهم تغييراً جذرياً من هذا القبيل. وبكوني أوروبياً، فإنني أعتقد بأن حماية الناس الذين هم بحاجة، لايزال قيمة أساسية من تاريخ القارة وتقاليدها.

أنطونيو غوتيريس هو المفوض العام للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ورئيس وزراء البرتغال الأسبق.

• تبرعوا الآن •

 

• كيف يمكنكم المساعدة • • كونوا على اطلاع •

بلدان ذات صلة

باربرا هندريكس

سفيرة النوايا الحسنة الفخرية

مؤسسة إيكيا

ضمان أن يكون لكل طفل مكانٌ آمن يدعوه وطناً

هينينغ مانكل

كاتب سويدي كرس وقته لقضية اللاجئين

إنقاذ في عرض البحر المتوسط

يخاطر كل عام مئات الآلاف بحياتهم أثناء عبورهم البحر المتوسط على متن قوارب مكتظة غير مجهزة للإبحار في محاولة للوصول إلى أوروبا. إذ يهرب العديد منهم جراء العنف والاضطهاد ويحتاجون إلى الحماية الدولية. ويموت كل عام الآلاف محاولين الوصول إلى أماكن مثل جزيرة مالطا أو جزيرة لامبيدوزا الصغيرة بإيطاليا.

وقد أدى هذا الأمر إلى وفاة ما يقرب من 600 شخص في حوادث غرقٍ للقوارب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي للفت انتباه العالم إلى هذه المأساة الإنسانية. وقد أطلقت إيطاليا منذ ذلك الحين عملية إنقاذ بحرية باستخدام السفن البحرية؛ أنقذت ما يزيد عن 10,000 شخص.

كان مصور المفوضية، ألفريدو داماتو، على متن السفينة "سان جوستو"؛ السفينة القائدة لأسطول الإنقاذ الإيطالي الصغير، عند نقل من تم إنقاذهم إلى بر الأمان. وفيما يلي الصور اللافتة للانتباه التي التقطها بكاميرته.

إنقاذ في عرض البحر المتوسط

جائزة نانسن للاجئ لعام 2011

في حفل تقديم جائزة نانسن للاجئ لهذا العام في جنيف، أشادت المفوضية بالممثلة الأمريكية أنجلينا جولي وبجمعية التكافل الاجتماعي اليمنية، الفائزة بجائزة هذا العام نظراً لعملها البارز من أجل اللاجئين على مدى عدة سنوات.

وتم تكريم جولي لإتمامها عشرة سنوات سفيرةً للنوايا الحسنة للمفوضية. وقد انضمت الممثلة الأمريكية للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في تقديم جائزة نانسن إلى السيد ناصر سالم علي الحميري نظرًا لعمل منظمته غير الحكومية في إنقاذ الحياة وتقديم المساعدة لعشرات الآلاف من لاجئي القوارب البائسين الذين يصلون إلى ساحل اليمن قادمين من القرن الإفريقي.

وقد أُنشِئت جائزة نانسن للاجئين في عام 1954 تكريمًا لفريدجوف نانسن، المستكشف والعالم والدبلوماسي والسياسي النرويجي الأسطورة الذي أصبح في العشرينات من القرن الماضي المفوض السامي الأول لشؤون اللاجئين. وتُمنح هذه الجائزة سنوياً إلى فرد أو منظمة نظير العمل البارز لصالح اللاجئين وتتكون من ميدالية تذكارية وجائزة تبلغ قيمتها 100,000 دولار أمريكي مقدمة من حكومتي سويسرا والنرويج.

جائزة نانسن للاجئ لعام 2011

شبح قارب تهريب يطارد أخوين سوريين إلى إيطاليا

ثامر وثائر شقيقان سوريان خاطرا بحياتهما أملاً بالوصول إلى أوروبا. كانت الرحلة البحرية محفوفة بالمخاطر ولكن وطنهما أصبح منطقة حرب.

قبل الأزمة، كانا يعيشان حياة بسيطة في مجتمع صغير متماسك يصفانه بـ"الرائق". قدمت لهما سوريا أملاً ومستقبلاً. ومن ثم اندلعت الحرب وكانا من الملايين الذين أجبروا على الهروب ليصلا في نهاية المطاف إلى ليبيا ويتخذا قرارهما اليائس.

توجّها على متن قارب مع 200 آخرين نحو إيطاليا مقابل 2000 دولار أميركي لكل شخص. كانا يدركان أن انقلاب القارب احتمال مرجح جداً. ولكنهما لم يتوقعا رصاصاً من إحدى الميليشيات الذي ثقب القارب قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.

وصلت المياه إلى كاحليهما وتعلق أحدهما بالآخر في ظل الفوضى. يقول ثائر: "رأيت شريط حياتي يمر أمام عيني. رأيت طفولتي. رأيت أشخاصاً أعرفهم عندما كنت صغيراً. رأيت أموراً ظننت أنني لن أتذكرها".

وبعد مرور عشر ساعات من الرعب، انقلب القارب في البحر المتوسط رامياً جميع الركاب. وبعد أن وصلت أخيراً قوات الإنقاذ، كان الأوان قد فات بالنسبة لكثيرين.

الحادث الذي تعرضا له هو ثاني حادث تحطمّ سفينة مميت قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. أثارت هذه الكوارث، والتي حصدت مئات الأرواح، جدلاً حول سياسة اللجوء في أوروبا مما دفع بالسلطات الإيطالية إلى إطلاق عملية بحث وإنقاذ تسمى "ماري نوستروم". وقد أنقذت هذه العملية 80,000 شخص في البحر حتى الآن.

بعد مرور ثمانية أشهر، والتقدم بطلب للجوء في بلدة ساحلية في غرب صقلية، لا يزال ثامر وثائر بانتظار بدء حياتهما من جديد.

يقولان: "نرغب في بناء حياتنا بأنفسنا والمضي قدماً".

شبح قارب تهريب يطارد أخوين سوريين إلى إيطاليا

إيطاليا: أغنية مايا Play video

إيطاليا: أغنية مايا

نواف وزوجته وأولاده معتادون على البحر، فقد كانوا يعيشون بالقرب منه وكان نواف صياد سمك في سوريا، إلا أنهم لم يتصوروا قط أنهم سيصعدون على متن قارب يخرجهم من سوريا دون عودة. كان نواف ملاحقاً ليتم احتجازه لفترة قصيرة وإخضاعه للتعذيب. وعندما أُطلق سراحه، فقد البصر في إحدى عينيه
إيطاليا: قادمون جدد إلى لامبيدوزا Play video

إيطاليا: قادمون جدد إلى لامبيدوزا

يتواصل تدفق المهاجرين واللاجئين إلى إيطاليا مع وصول قوارب جديدة، يومياً. وفي الأسبوعين الأخيرين، أُنقِذ في البحر أكثر من 13,000 شخص. وباكرًا صباح يوم الجمعة، أَنقذ مركب إيطالي زورقًا يحمل ما بين 60 و70 مهاجراً من إفريقيا جنوب الصحراء، ونقلهم إلى جزيرة لامبيدوزا.
ألمانيا: أصوات الصمت Play video

ألمانيا: أصوات الصمت

فرت عائلة أحمد خوان من حلب السورية في العام 2012 عندما وصلت الحرب إلى مدينتهم، ولجأوا إلى لبنان المجاور.