جيرو أوز، مصور صحفي

 إسحق، 13 عاماً، ترحب به عمته إيدري وعمه حسن في مخيم كوبي للاجئين في 14 حزيران/يونيو 2012. تصوير: المفوضية/جيرو أوز/2012

إسحق، 13 عاماً، ترحب به عمته إيدري وعمه حسن في مخيم كوبي للاجئين في 14 حزيران/يونيو 2012. تصوير: المفوضية/جيرو أوز/2012

جيرو أوز

دخلت في صباح أحد الأيام من شهر يناير/كانون الثاني إلى صف مزدحم وكانت العيون كلها تتبعني. ووسط هذا البحر من عيون الفتيان المشرقة، شخصت عيناي على عينين مألوفتين. استغرقني ذلك بضع ثوان ولكنني أدركت بعدها أنه كان هو. أنا لا أتذكر الأسماء ولكنني لا أنسى وجهاً قابلته يوماً وبشكل خاص العينين.أومأت إليه حتى أرى ما إذا كان قد عرفني. فهز رأسه بخجل وابتسم.

قابلت إسحق للمرة الأولى في شهر يونيو/حزيران من العام 2012 في مخيم دولو آدو للاجئين شرقي إثيوبيا. كان في ذلك الصباح قد وصل للتو وحده من الصومال وكان كل ما يحمله حقيبة بلاستيكية سوداء صغيرة. كانت عيناه حزينتان يملؤهما القلق والتعب من هذه الرحلة الطويلة. ولقد ترك عائلته في منطقة باي في الصومال وقرر المجيء إلى دولو آدو لأنه أراد الذهاب إلى المدرسة إذ إنه لم يتمكن من الذهاب سوى شهر واحد إلى المدرسة بسبب انعدام الأمن والجفاف في المنطقة. فأمضيت ذلك الصباح أتبعه إلى حين اجتمع بأقربائه. وعندما أصبح في يدي عمته ابتسم أخيراً وأظهر نوعاً من الراحة.

وبعد مرور عامين، كان إسحق قد أصبح أطول ببضع سنتمترات وكان شعره أطول. صافحته وسألته باللغة الإنكليزية إن كان يتذكرني. فأجاب “نعم”. فقمت بالتقاط بعض الصور له وحصلت على معلومات جهة الاتصال الخاصة به وسارعت إلى خارج الصف ووعدته بأنني سوف أزوره قريباً. وبقدر ما فرحت بإيجاد إسحق بقدر ما حزنت لدى معرفتي أنه ما زال في مخيم دولو آدو المليء بالغبار. بالإضافة إلى ذلك، فهو بعيد عن عائلته وسيبقى كذلك لوقت طويل. لقد زرت دولو آدو بدايةً في شهر أغسطس/آب من العام 2011 عندما انتشرت المجاعة في جنوب الصومال. وفي مخيم كوبي، حيث وجدت إسحق، كان هناك 10 أطفال يموتون يومياً من سوء التغذية. كان الجميع يبذلون الجهود لإنقاذ الآخرين مع عبور آلاف الأشخاص الحدود يومياً. ولكن في كل زيارة تالية كنت أقوم بها، كان يبدو أن الوضع قد تحسن.

أنا سعيد بأن إسحق بعيد عن الأذى وبأنه يحصل على التعليم. ولكن عندما أفكر في مستقبله أشعر بأن حملاً ثقيلاً قد ألقي علي. تحسن الوضع في بلاده بشكل بسيط إلا أن أحداً لا يعرف ما إذا كان هذا التحسن سيستمر. ومعظم الأشخاص الذين تحدثت إليهم قالوا إنهم لا يشعرون بأن الوضع آمن بما يكفي حتى يعودوا… وفي شهر مارس/آذار الماضي، قمت بزيارة مخيمات أكثر قدماً خارج جيجيغا وإثيوبيا تأوي بعض الأشخاص الذين كانوا متواجدين فيها منذ بداية الأزمة الصومالية في أوائل التسعينيات كما أن البعض منهم ولد ونشأ هناك. كنت في هذه الأمكنة لأوثق برنامج تعليم خاص للفتيات. وقالت بعض الطالبات الصغيرات اللامعات إنهن يرغبن في أن يصبحن طبيبات ومهندسات ومعلمات. لقد تفاجأت بقوتهن وعزمهن. وعندما أنظر إلى عيني إسحق وأعين تلك الفتيات، أشعر بأنني محظوظ جداً لأني ولدت في بلد ثري ومستقر. كم أن الحياة غير عادلة. ولكنني أؤمن بأن عملي يتيح لي أن أنقل الواقع على أمل أن يساعد ذلك في تحسين وضعهم.


أسرة واحدة فرقتها الحرب رقم أكبر من أن يحتمل

تعرفوا أكثر عن عملنا مع اللاجئين بزيارة UNHCR-Arabic.org